الموافقات (صفحة 519)

الْحُكْمِ، وَإِنَّمَا الشَّرْطُ أَمْرٌ خَارِجِيٌّ مُكَمِّلٌ، وَإِلَّا؛ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ الشَّرْطُ جُزْءَ الْعِلَّةِ1، وَالْفَرْضُ بِخِلَافِهِ، وَأَيْضًا؛ فَإِنَّ الْقَصْدَ فِيهِ قَدْ صَارَ غَيْرَ شَرْعِيٍّ؛ فَصَارَ الْعَمَلُ فِيهِ مُخَالِفًا لِقَصْدِ الشَّارِعِ، فَهُوَ فِي حُكْمِ مَا لَمْ يَعْمَلْ فِيهِ، وَاتَّحَدَ مَعَ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ فِي الْحُكْمِ؛ فَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَى هَذَا الْعَمَلِ حُكْمٌ، وَمِثَالُ ذَلِكَ: إِنْ أَنْفَقَ النِّصَابَ قَبْلَ الْحَوْلِ فِي مَنَافِعِهِ أَوْ وَهَبَهُ هِبَةً بَتْلة لَمْ2 يَرْجِعْ فِيهَا، أَوْ جَمَعَ بَيْنَ الْمُفْتَرِقِ، أَوْ فَرَّقَ بَيْنَ الْمُجْتَمِعِ -وَكُلُّ ذَلِكَ بِقَصْدِ الْفِرَارِ مِنَ الزَّكَاةِ- لَكِنَّهُ لَمْ يَعُدْ إِلَى مَا كَانَ عليه قبول الْحَوْلِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ؛ فَقَدْ عَلِمْنَا -حِينَ نَصَبَ الشَّارِعُ ذَلِكَ السَّبَبَ لِلْحُكْمِ- أَنَّهُ قَاصِدٌ لِثُبُوتِ الْحُكْمِ بِهِ، فَإِذَا أَخَذَ هَذَا بِرَفْعِ حُكْمِ السَّبَبِ مَعَ انْتِهَاضِهِ سَبَبًا؛ كَانَ مُنَاقِضًا لِقَصْدِ الشَّارِعِ، وَهَذَا بَاطِلٌ، وَكَوْنُ الشَّرْطِ -حِينَ رُفع أَوْ وُضع- عَلَى وَجْهٍ يَعْتَبِرُهُ الشَّارِعُ عَلَى الْجُمْلَةِ3 قَدْ أَثَّرَ فِيهِ الْقَصْدُ الْفَاسِدُ؛ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَنْتَهِضَ شَرْطًا شَرْعِيًّا، فَكَانَ كَالْمَعْدُومِ بِإِطْلَاقٍ، وَالْتَحَقَ بِالْقِسْمِ الْأَوَّلِ.

وَالثَّانِي:

أَنْ يُقَالَ: إِنَّ مُجَرَّدَ انْعِقَادِ السَّبَبِ غَيْرُ كَافٍ، فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ بَاعِثًا؛ قَدْ جُعِلَ فِي الشَّرْعِ مُقَيَّدًا بِوُجُودِ الشَّرْطِ، فَإِذًا لَيْسَ كَوْنُ السَّبَبِ بَاعِثًا بِقَاطِعٍ فِي أَنَّ الشَّارِعَ قَصَدَ إِيقَاعَ الْمُسَبَّبِ بِمُجَرَّدِهِ، وَإِنَّمَا فِيهِ أَنَّهُ قَصَدَهُ إِذَا وَقَعَ شَرْطُهُ، فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ؛ فَالْقَاصِدُ لِرَفْعِ حُكْمِ السَّبَبِ مَثَلًا بِالْعَمَلِ فِي رَفْعِ الشَّرْطِ لَمْ يُنَاقِضْ قصدُه قصدَ الشَّارِعِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَإِنَّمَا قَصَدَ لِمَا لَمْ يَظْهَرْ فِيهِ قَصْدُ الشَّارِعِ لِلْإِيقَاعِ أَوْ عَدَمِهِ، وَهُوَ الشَّرْطُ أَوْ عَدَمُهُ، لَكِنْ لَمَّا كَانَ ذَلِكَ القصد آيلا لمناقضة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015