الموافقات (صفحة 501)

كَلَامِهِمْ فِي الْأَصْلِ الثَّانِي:

أَمَّا أَوَّلًا؛ فَنَفْسُ التَّنَاقُضِ بَيْنَ الْأَصْلَيْنِ كافٍ فِي عَدَمِ صِحَّتِهِ عِنْدَ الْعِلْمِ بِصِحَّةِ1 الْأَصْلِ الْأَوَّلِ.

وَأَمَّا ثَانِيًا؛ فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ تِلْكَ الْمَسَائِلَ جَارِيَةٌ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ الشَّرْطِ؛ فَإِنَّا نَقُولُ:

مَنْ أَجَازَ تَقْدِيمَ الزَّكَاةِ قَبْلَ [حُلُولِ] 2 الْحَوْلِ مُطْلَقًا -مِنْ غَيْرِ أَهْلِ مَذْهَبِنَا- فَبِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي الْوُجُوبِ، وَإِنَّمَا هُوَ شَرْطٌ فِي الِانْحِتَامِ؛ فَالْحَوْلُ كُلُّهُ كَأَنَّهُ وَقْتٌ -عِنْدَ هَذَا الْقَائِلِ- لِوُجُوبِ3 الزَّكَاةِ مُوَسَّعٌ، وَيَتَحَتَّمُ فِي آخِرِ الْوَقْتِ كَسَائِرِ أَوْقَاتِ التَّوْسِعَةِ، وَأَمَّا الْإِخْرَاجُ قَبْلَ الْحَوْلِ بِيَسِيرٍ -عَلَى مَذْهَبِنَا- فَبِنَاءً عَلَى أَنَّ مَا قَرُبَ مِنَ الشَّيْءِ فَحُكْمُهُ حُكْمُهُ، فَشَرْطُ الْوُجُوبِ حَاصِلٌ.

وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي شَرْطِ الْحِنْثِ: مَنْ أَجَازَ تَقْدِيمَ الْكَفَّارَةِ عَلَيْهِ؛ فَهُوَ عِنْدَهُ شَرْطٌ فِي الِانْحِتَامِ مِنْ غَيْرِ تَخْيِيرٍ، لَا شَرْطٌ فِي وُجُوبِهَا.

وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الزُّهُوقِ؛ فَهُوَ شَرْطٌ فِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ أَوِ الدِّيَةِ، لَا أَنَّهُ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْعَفْوِ، وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ؛ إِذِ الْعَفْوُ بَعْدَهُ لَا يُمْكِنُ4؛ فَلَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِهِ قَبْلَهُ إِنْ وَقَعَ، وَلَا يَصِحُّ5 أَنْ يَكُونَ شَرْطًا إِذْ ذَاكَ فِي صحته، ووجه صحته أنه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015