الموافقات (صفحة 479)

الْحِكْمَةِ، فَإِنَّ انْتِفَاءَ الْمَشَقَّةِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمَلِكِ الْمُتَرَفِّهِ غَيْرُ مُتَحَقِّقٍ، بَلِ الظَّنُّ بِوُجُودِهَا غَالِبٌ؛ غير أن المشقة تختلف اختلاف النَّاسِ وَلَا تَنْضَبِطُ، فَنَصَبَ الشَّارِعُ الْمَظِنَّةَ فِي مَوْضِعِ الْحِكْمَةِ؛ ضَبْطًا لِلْقَوَانِينِ الشَّرْعِيَّةِ، كَمَا جَعَلَ الْتِقَاءَ الْخِتَانَيْنِ ضَابِطًا لِمُسَبَّبَاتِهِ الْمَعْلُومَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَاءُ عَنْهُ لِأَنَّهُ مَظِنَّتُهُ، وَجَعَلَ الِاحْتِلَامَ مَظِنَّةَ حُصُولِ الْعَقْلِ الْقَابِلِ لِلتَّكْلِيفِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُنْضَبِطٍ فِي نَفْسِهِ، إِلَى أَشْيَاءَ مِنْ ذَلِكَ كَثِيرَةٍ.

وَأَمَّا إِبْدَالُ الدِّرْهَمِ بِمِثْلِهِ؛ فَالْمُمَاثَلَةُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ قَدْ لَا تُتَصَوَّرُ عَقْلًا، فَإِنَّهُ مَا مِنْ مُتَمَاثِلَيْنِ إِلَّا وَبَيْنَهُمَا افْتِرَاقٌ وَلَوْ فِي تَعْيِينِهِمَا، كَمَا أَنَّهُ مَا مِنْ مُخْتَلِفَيْنِ إِلَّا وَبَيْنَهُمَا مُشَابَهَةٌ وَلَوْ فِي نَفْيِ مَا سِوَاهُمَا عَنْهُمَا، وَلَوْ فُرِضَ التَّمَاثُلُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ؛ فَهُوَ نَادِرٌ، وَلَا يُعْتَدُّ بِمِثْلِهِ أَنْ يَكُونَ مُعْتَبَرًا، وَالْغَالِبُ الْمُطَّرِدُ اخْتِلَافُ الدِّرْهَمَيْنِ وَالدِّينَارَيْنِ وَلَوْ بِجِهَةِ الْكَسْبِ1؛ فَأَطْلَقَ الْجَوَازَ لِذَلِكَ، [وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ] 6 كَذَلِكَ؛ فَلَا دَلِيلَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ عَلَى مَسْأَلَتِنَا.

فَصْلٌ:

وَقَدْ حَصَلَ فِي ضِمْنِ2 هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْجَوَابُ عَنْ مَسْأَلَةِ التَّعْلِيقِ.

وَأَمَّا مَسْأَلَةُ النِّكَاحِ لِلْبِرِّ فِي الْيَمِينِ وَمَا ذكر معها3؛ فإنه موضع فيه احتمال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015