بِالْوَجْهِ الْمَقْصُودِ لِلشَّارِعِ، وَهَذَا الْقَصْدُ الثَّانِي مَوْجُودٌ1 عِنْدَهُ لَا مَحَالَةَ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِقَصْدِ الشَّارِعِ بِوَضْعِ السَّبَبِ؛ فَصَحَّ التَّسَبُّبُ، وَأَمَّا إِلْزَامُ قَصْدِ الْحِلِّ؛ فَلَا يَلْزَمُ، بَلْ يَكْفِي الْقَصْدُ إِلَى إِيقَاعِ السَّبَبِ الْمَشْرُوعِ، وَإِنْ غَفَلَ عَنْ وُقُوعِ الْحِلِّ بِهِ؛ لِأَنَّ الْحِلَّ النَّاشِئَ عَنِ السَّبَبِ لَيْسَ بِدَاخِلٍ2 تَحْتَ التَّكْلِيفِ كَمَا تَقَدَّمَ.
وَالثَّانِي:
مَا يُعْلَمُ أَوْ يُظَنُّ أَنَّ السَّبَبَ لَمْ يُشْرَعْ لِأَجْلِهِ ابْتِدَاءً3؛ فَالدَّلِيلُ يَقْتَضِي أَنَّ ذَلِكَ التَّسَبُّبَ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ لَمْ يُشْرَعْ أَوَّلًا لِهَذَا الْمُسَبَّبِ الْمَفْرُوضِ، وَإِذَا لَمْ يُشْرَعْ لَهُ؛ فَلَا يَتَسَبَّبُ عَنْهُ حِكْمَتُهُ فِي جَلْبِ مَصْلَحَةٍ وَلَا دَفْعِ مَفْسَدَةٍ، بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا قُصِدَ بِالسَّبَبِ؛ فَهُوَ إِذًا بَاطِلٌ، هَذَا وَجْهٌ.
وَوَجْهٌ ثانٍ: وَهُوَ أَنَّ هَذَا السَّبَبَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى هَذَا الْمَقْصُودِ الْمَفْرُوضِ غَيْرُ مَشْرُوعٍ؛ فَصَارَ كَالسَّبَبِ الَّذِي لَمْ يُشْرَعْ أَصْلًا, وَإِذَا كَانَ التَّسَبُّبُ غَيْرَ الْمَشْرُوعِ أَصْلًا؛ لَا يَصِحُّ، فَكَذَلِكَ مَا شُرِعَ إِذَا أُخِذَ لِمَا لَمْ يُشْرَعْ لَهُ.
وَوَجْهٌ ثَالِثٌ: أَنَّ كَوْنَ الشَّارِعِ لَمْ يَشْرَعْ هَذَا السَّبَبَ لِهَذَا الْمُسَبَّبِ الْمُعَيَّنِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ فِي ذَلِكَ التَّسَبُّبِ مَفْسَدَةً لَا مَصْلَحَةً، أَوْ أَنَّ الْمَصْلَحَةَ الْمَشْرُوعَ لَهَا السَّبَبُ مُنْتَفِيَةٌ بِذَلِكَ الْمُسَبَّبِ؛ فَيَصِيرُ السَّبَبُ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ عَبَثًا، فَإِنْ كَانَ الشَّارِعُ قَدْ نَهَى عَنْ ذَلِكَ التَّسَبُّبِ الْخَاصِّ؛ فَالْأَمْرُ وَاضِحٌ4، فَإِذَا قُصِدَ بالنكاح