هَذَا مَا قَالَهُ هُنَاكَ، وَقَاعِدَةُ إِيقَاعِ السَّبَبِ أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ إِيقَاعِ الْمُسَبَّبِ قَدْ بَيَّنَتْ1 هَذَا.
وَلَهُ فِي "كِتَابِ الشُّكْرِ" مَا هُوَ أَشَدُّ مِنْ هَذَا؛ حَيْثُ قَدَّرَ النِّعَمَ أَجْنَاسًا وَأَنْوَاعًا، وَفَصَّلَ فِيهَا تَفَاصِيلَ جَمَّةً، ثُمَّ قَالَ: "بَلْ أَقُولُ مَنْ عَصَى اللَّهَ وَلَوْ فِي نَظْرَةٍ وَاحِدَةٍ؛ بِأَنْ فَتَحَ بَصَرَهُ حَيْثُ يَجِبُ غَضُّ البصر؛ فقد كفر [كل] 2 نعمة الله في السموات وَالْأَرَضِينَ وَمَا بَيْنَهُمَا, فَإِنَّ كُلَّ مَا خَلَقَ الله حتى الملائكة, والسموات، وَالْحَيَوَانَاتِ، وَالنَّبَاتِ بِجُمْلَتِهِ نِعْمَةٌ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْعِبَادِ قَدْ تَمَّ بِهَا3 انْتِفَاعُهُ".
ثُمَّ قَرَّرَ شَيْئًا مِنَ النِّعَمِ الْعَائِدَةِ إِلَى الْبَصَرِ مِنَ الْأَجْفَانِ، ثُمَّ قَالَ: "قَدْ كَفَرَ نِعْمَةَ اللَّهِ فِي الْأَجْفَانِ، وَلَا تَقُومُ الْأَجْفَانُ إِلَّا بِعَيْنٍ، وَلَا الْعَيْنُ إِلَّا بِالرَّأْسِ، وَلَا الرَّأْسُ إِلَّا بِجَمِيعِ الْبَدَنِ, وَلَا الْبَدَنُ إِلَّا بِالْغِذَاءِ، وَلَا الْغِذَاءُ إِلَّا بِالْمَاءِ وَالْأَرْضِ وَالْهَوَاءِ وَالْمَطَرِ وَالْغَيْمِ وَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ، وَلَا يَقُومُ شَيْءٌ مِنْ ذلك إلا بالسموات، ولا السموات إِلَّا بِالْمَلَائِكَةِ؛ فَإِنَّ الْكُلَّ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ، يَرْتَبِطُ الْبَعْضُ مِنْهُ بِالْبَعْضِ ارْتِبَاطَ أَعْضَاءِ الْبَدَنِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ".
قَالَ: وَكَذَلِكَ وَرَدَ فِي الْأَخْبَارِ: "أَنَّ الْبُقْعَةَ الَّتِي يَجْتَمِعُ فِيهَا النَّاسُ؛ إِمَّا أَنْ تلعنهم إذا تفرقوا، أو تستغفر لهم"4.