الموافقات (صفحة 416)

فَالْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْأَسْبَابَ فِي حَقِّهِ لَا بُدَّ مِنْهَا، كَمَا أَنَّهَا كَذَلِكَ فِي حَقِّ غَيْرِهِ؛ فَإِنَّ خَوَارِقَ الْعَادَاتِ وَإِنْ قَامَتْ لَهُ مَقَامَ الْأَسْبَابِ فِي حَقِّهِ؛ فَهِيَ فِي أَنْفُسِهَا أَسْبَابٌ، لَكِنَّهَا أَسْبَابٌ غَرِيبَةٌ، وَالتَّسَبُّبُ غَيْرُ مُنْحَصِرٍ فِي الْأَسْبَابِ الْمَشْهُورَةِ؛ فَالْخَارِجُ مَثَلًا لِلْحَجِّ بِغَيْرِ زَادٍ يَرْزُقُهُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ؛ إِمَّا مِنْ نَبَاتِ الْأَرْضِ، وَإِمَّا مِنْ جِهَةِ مَنْ يَلْقَى مِنَ النَّاسِ فِي الْبَادِيَةِ وَفِي الصَّحْرَاءِ، وَإِمَّا مِنْ حَيَوَانِ الصَّحْرَاءِ، أَوْ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَلَوْ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْهِ مِنَ السَّمَاءِ، أَوْ يُخْرِجَهُ مِنَ الْأَرْضِ بِخَوَارِقِ الْعَادَاتِ أَسْبَابٌ جَارِيَةٌ، يَعْرِفُهَا أَرْبَابُهَا الْمَخْصُوصُونَ بِهَا؛ فَلَيْسَ هَذَا الرَّجُلُ خَارِجًا عَنِ الْعَمَلِ بِالْأَسْبَابِ، وَمِنْهَا الصَّلَاةُ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:

{وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} [طه: 132] .

وَرُوِيَ أَنَّهُ, عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ "كَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ إِذَا لَمْ يَجِدُوا قُوتًا"1، وإذا كان كذلك؛ فالسؤال غير وارد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015