وَالثَّانِي1: أَنَّهُ لَوْ فُرِضَ تَوَارُدُ الْقَصْدَيْنِ2 عَلَى شيء واحد؛ لم يكن محالا إذا كان بِاعْتِبَارَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ3، كَمَا تَوَارَدَ قَصْدُ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ مَعًا عَلَى الصَّلَاةِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ بِاعْتِبَارَيْنِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَصْلَيْنِ غَيْرُ مُتَدَافِعَيْنِ عَلَى الْإِطْلَاقِ.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ:
إِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْقَصْدُ إِلَى الْمُسَبَّبِ؛ فَلِلْمُكَلَّفِ تَرْكُ الْقَصْدِ إِلَيْهِ بِإِطْلَاقٍ، وَلَهُ الْقَصْدُ إِلَيْهِ.
أَمَّا الْأَوَّلُ؛ فَمَا تَقَدَّمَ4 يَدُلُّ عَلَيْهِ.
فَإِذَا قِيلَ لَكَ: لِمَ تكتسب لمعاشك بالزراعة أو بالتجارة أو بغيرهما؟
قُلْتَ: لِأَنَّ الشَّارِعَ نَدَبَنِي إِلَى تِلْكَ الْأَعْمَالِ؛ فَأَنَا أَعْمَلُ عَلَى مُقْتَضَى مَا أُمِرْتُ بِهِ، كَمَا أَنَّهُ أَمَرَنِي أَنْ أُصَلِّيَ وَأَصُومَ وَأُزَكِّيَ وَأَحُجَّ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَعْمَالِ الَّتِي كَلَّفَنِي بِهَا.
فَإِنْ قِيلَ لَكَ: إِنَّ الشَّارِعَ أَمَرَ وَنَهَى لِأَجْلِ الْمَصَالِحِ.
قُلْتَ: نَعَمْ، وَذَلِكَ إِلَى اللَّهِ لَا إِلَيَّ؛ فَإِنَّ الَّذِي إِلَيَّ التسبب، وحصول