حَقَّ اللَّهِ فِيهِ، وَهُوَ مِنْ آثَارِ عَدَمِ إِشْرَافِ النَّفْسِ، وَأَخْذُهُ بِغَيْرِ حَقِّهِ خِلَافُ ذَلِكَ، وَبَيَّنَ1 هَذَا الْمَعْنَى الرِّوَايَةُ الْأُخْرَى: "نِعْمَ صَاحِبُ المسلم هو لمن أَعْطَى مِنْهُ الْمِسْكِينَ وَالْيَتِيمَ وَابْنَ السَّبِيلِ" 2، أَوْ كَمَا قَالَ: "وَإِنَّهُ مَنْ يَأْخُذُهُ بِغَيْرِ حَقِّهِ كَانَ كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ, وَيَكُونُ عَلَيْهِ شَهِيدًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ" 3.
وَوَجْهٌ ثَالِثٌ: وَهُوَ أَنَّ الْعُبَّادَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ -مِمَّنْ يُعْتَبَرُ مِثْلُهُ ههنا- أَخَذُوا أَنْفُسَهُمْ بِتَخْلِيصِ الْأَعْمَالِ عَنْ شَوَائِبِ الْحُظُوظِ، حَتَّى عَدُّوا مَيْلَ النُّفُوسِ إِلَى بَعْضِ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ مِنْ جُمْلَةِ مَكَائِدِهَا, وَأَسَّسُوهَا قَاعِدَةً بَنَوْا عَلَيْهَا -فِي تَعَارُضِ الْأَعْمَالِ وَتَقْدِيمِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضِ- أَنْ يُقَدِّمُوا مَا لَا حَظَّ لِلنَّفْسِ فِيهِ، أَوْ مَا ثَقُلَ عَلَيْهَا؛ حَتَّى لَا يَكُونَ لَهُمْ عَمَلٌ إِلَّا عَلَى مُخَالَفَةِ مَيْلِ النَّفْسِ، وَهُمُ الْحُجَّةُ فِيمَا انْتَحَلُوا؛ لِأَنَّ إِجْمَاعَهُمْ إِجْمَاعٌ، وَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ الْإِعْرَاضِ عَنِ الْمُسَبَّبَاتِ فِي الْأَسْبَابِ, وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذْ سَأَلَهُ جِبْرِيلُ عَنِ الْإِحْسَانِ: "أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ؛ فَإِنَّهُ يراك" 4، وكل تصرف للعبد