الموافقات (صفحة 345)

بُدَّ مِنْ بُلُوغِ الدَّلِيلِ إِلَيْهِ وَعِلْمِهِ بِهِ، وَحِينَئِذٍ تَحْصُلُ الْمُؤَاخَذَةُ بِهِ, وَإِلَّا لَزِمَ تَكْلِيفُ مَا لَا يُطَاقُ.

- وَمِنْهَا: التَّرْجِيحُ1 بَيْنَ الْخِطَابَيْنِ عند تزاحمهما ولم يمكن الجمع بنهما، لَا بُدَّ مِنْ حُصُولِ الْعَفْوِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمُؤَخَّرِ حَتَّى يَحْصُلَ الْمُقَدَّمُ؛ لِأَنَّهُ الْمُمْكِنُ فِي التَّكْلِيفِ بِهِمَا، وَإِلَّا لَزِمَ تَكْلِيفُ مَا لَا يُطَاقُ، وَهُوَ مَرْفُوعٌ شَرْعًا.

- وَمِنْهَا: مَا سُكِتَ عَنْهُ؛ فَهُوَ عَفْوٌ؛ لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ مَسْكُوتًا عَنْهُ مَعَ وُجُودِ مَظِنَّتِهِ؛ فَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى الْعَفْوِ فِيهِ، وَمَا تَقَدَّمَ مِنَ الْأَمْثِلَةِ فِي الْأَدِلَّةِ السَّابِقَةِ فَهُوَ مِمَّا يَصِحُّ التَّمْثِيلُ بِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَصْلٌ:

وَلِمَانِعِ مَرْتَبَةِ الْعَفْوِ أَنْ يَسْتَدْرِكَ عَلَيْهِ بِأَوْجُهٍ:

أَحَدُهَا:

أَنَّ أَفْعَالَ الْمُكَلَّفِينَ مِنْ حَيْثُ هُمْ مُكَلَّفُونَ؛ إِمَّا أَنْ تَكُونَ بِجُمْلَتِهَا دَاخِلَةً تَحْتَ خِطَابِ التَّكْلِيفِ وَهُوَ الِاقْتِضَاءُ أَوِ التَّخْيِيرُ، أَوْ لَا تَكُونَ بِجُمْلَتِهَا دَاخِلَةً، فَإِنْ كَانَتْ بِجُمْلَتِهَا دَاخِلَةً؛ فَلَا زَائِدَ عَلَى الْأَحْكَامِ الْخَمْسَةِ، وَهُوَ الْمَطْلُوبُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ دَاخِلَةً بِجُمْلَتِهَا؛ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ الْمُكَلَّفِينَ خَارِجًا عَنْ حُكْمِ خِطَابِ التَّكْلِيفِ، وَلَوْ فِي وَقْتٍ أَوْ حَالَةٍ مَا، لَكِنَّ ذَلِكَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّا فَرَضْنَاهُ مُكَلَّفًا، فَلَا يَصِحُّ خُرُوجُهُ، فَلَا زَائِدَ عَلَى الْأَحْكَامِ الْخَمْسَةِ.

وَالثَّانِي:

أَنَّ هَذَا الزَّائِدَ؛ إِمَّا أَنْ يَكُونَ حُكْمًا شَرْعِيًّا أَوْ لَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حُكْمًا شَرْعِيًّا؛ فَلَا اعتبار به.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015