{عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ} 1 الْآيَةَ [التَّوْبَةِ: 43] ؛ فَإِنَّهُ مَوْضِعُ اجْتِهَادٍ فِي الْإِذْنِ عِنْدَ عدم النص.
وقد ثبت من الشَّرِيعَةِ الْعَفْوُ عَنِ الْخَطَأِ فِي الِاجْتِهَادِ حَسْبَمَا بَسَطَهُ الْأُصُولِيُّونَ, وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَوْلا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [الْأَنْفَالِ: 68] .
وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- يَكْرَهُ كَثْرَةَ السُّؤَالِ2 فِيمَا لَمْ يَنْزِلْ فِيهِ حُكْمٌ، بِنَاءً عَلَى حُكْمِ الْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ؛ إِذْ هِيَ رَاجِعَةٌ إِلَى هَذَا الْمَعْنَى، وَمَعْنَاهَا أَنَّ الأفعال معها معفو عنها، وقد قال, صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ أَعْظَمَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمُسْلِمِينَ جُرْمًا مَنْ سَأَلَ عَنْ شَيْءٍ لَمْ يُحَرَّمْ عَلَيْهِمْ فَحُرِّمَ عَلَيْهِمْ مِنْ أَجْلِ مَسْأَلَتِهِ" 3.
وَقَالَ: "ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ؛ فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ، وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَانْتَهَوْا، وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ" 4.