الموافقات (صفحة 337)

المسألة العاشرة: مرتبة العفو

يَصِحُّ أَنْ يَقَعَ1 بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ مَرْتَبَةُ الْعَفْوِ؛ فَلَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ وَاحِدٌ مِنَ الْخَمْسَةِ الْمَذْكُورَةِ، هَكَذَا عَلَى الْجُمْلَةِ2، وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى ذَلِكَ أَوْجُهٌ:

أَحَدُهَا: 3

مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْأَحْكَامَ الْخَمْسَةَ إِنَّمَا تَتَعَلَّقُ بِأَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ مَعَ الْقَصْدِ إِلَى الْفِعْلِ، وَأَمَّا دُونَ ذَلِكَ؛ فَلَا، وَإِذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا حُكْمٌ مِنْهَا، مَعَ وِجْدَانِهِ مِمَّنْ شَأْنُهُ أَنْ تَتَعَلَّقَ بِهِ؛ فَهُوَ مَعْنَى الْعَفْوِ الْمُتَكَلِّمِ فِيهِ؛ أَيْ: لَا مُؤَاخَذَةَ بِهِ.

وَالثَّانِي: 4

مَا جَاءَ مِنَ النَّصِّ عَلَى هَذِهِ الْمَرْتَبَةِ عَلَى الْخُصُوصِ؛ فَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ فَرَضَ فَرَائِضَ فَلَا تُضَيِّعُوهَا، وَنَهَى عَنْ أَشْيَاءَ فَلَا تَنْتَهِكُوهَا، وَحَدَّ حُدُودًا فَلَا تَعْتَدُوهَا، وَعَفَا عَنْ أَشْيَاءَ رَحْمَةً بِكُمْ لَا عن نسيان؛ فلا تبحثوا عنها" 5.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015