الرَّجُلَ لِسِنِّهِ يُصَلِّي1 بِهِمْ فَيُسْفِرُ بِصَلَاةِ الصُّبْحِ، قَالَ: "يُصَلِّي الرَّجُلُ وَحْدَهُ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يُصَلِّيَ بَعْدَ الْإِسْفَارِ فِي جَمَاعَةٍ"؛ فَقَدَّمَ كَمَا تَرَى حُكْمَ الْمُسَابَقَةِ، وَلَمْ يَعْتَبِرِ الْجَمَاعَةَ الَّتِي هِيَ سُنَّةٌ يُعَدُّ مَنْ تَرَكَهَا مُقَصِّرًا؛ فَأَوْلَى أَنْ يُعَدَّ مَنْ تَرَكَ الْمُسَابَقَةَ مُقَصِّرًا.
وَجَاءَ عَنْهُ أَيْضًا فِيمَنْ أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ لِسِفَرٍ أَوْ مَرَضٍ، ثُمَّ قَدِمَ أَوْ صَحَّ فِي غَيْرِ شَعْبَانَ مِنْ شُهُورِ الْقَضَاءِ، فَلَمْ يَصُمْهُ حَتَّى مَاتَ؛ فَعَلَيْهِ الْإِطْعَامُ، وَجَعَلَهُ مُفَرِّطًا، كَمَنْ صَحَّ أَوْ قَدِمَ فِي شَعْبَانَ؛ فَلَمْ يَصُمْهُ حَتَّى دَخَلَ رَمَضَانُ الثَّانِي، مَعَ أَنَّ الْقَضَاءَ لَيْسَ عَلَى الْفَوْرِ عِنْدَهُ.
قَالَ اللَّخْمِيُّ: جَعَلَهُ مُتَرَقِّبًا2 لَيْسَ عَلَى الْفَوْرِ وَلَا عَلَى التَّرَاخِي، فَإِنْ قَضَى فِي شَعْبَانَ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ قَبْلَ شَعْبَانَ؛ فَلَا إِطْعَامَ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُفَرِّطٍ، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ شَعْبَانَ؛ فَمُفَرِّطٌ وَعَلَيْهِ الْإِطْعَامُ، نَحْوَ قَوْلِ الشَّافِعِيَّةِ فِي الْحَجِّ: إِنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْأَدَاءِ3؛ كَانَ آثِمًا، فَهَذَا أَيْضًا -رَأْيُ الشَّافِعِيَّةِ- مُضَادٌّ لِمُقْتَضَى الْأَصْلِ الْمَذْكُورِ.
فَأَنْتَ تَرَى أَوْقَاتًا مُعَيَّنَةً شَرْعًا؛ إِمَّا بِالنَّصِّ4، وَإِمَّا بِالِاجْتِهَادِ5، ثُمَّ صَارَ مَنْ قَصَّرَ عَنِ الْمُسَابَقَةِ فِيهَا مَلُومًا مُعَاتَبًا، بَلْ آثِمًا فِي بَعْضِهَا، وَذَلِكَ مضاد لما