الموافقات (صفحة 322)

بِالسَّكْرَانِ1؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} [النِّسَاءِ: 43] ؛ فَإِنَّهُ قَدْ أُجِيبَ عَنْهُ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ2؛ وَلِأَنَّهُ فِي عُقُودِهِ وَبُيُوعِهِ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ لِحَقِّ نَفْسِهِ كَمَا حُجِرَ عَلَى الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ، وَفِي سِوَاهُمَا3 لَمَّا أَدْخَلَ السُّكْرَ عَلَى نَفْسِهِ؛ كَانَ كَالْقَاصِدِ لِرَفْعِ الْأَحْكَامِ التَّكْلِيفِيَّةِ؛ فَعُومِلَ بِنَقِيضِ الْمَقْصُودِ، أَوْ لِأَنَّ الشُّرْبَ سَبَبٌ لِمَفَاسِدَ كَثِيرَةٍ، فَصَارَ اسْتِعْمَالُهُ4 لَهُ تَسَبُّبًا فِي تِلْكَ الْمَفَاسِدِ، فَيُؤَاخِذُهُ الشَّرْعُ بِهَا وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْهَا، كَمَا وَقَعَتْ مُؤَاخَذَةُ أَحَدِ ابْنَيْ آدَمَ بِكُلِّ نَفْسٍ تُقْتَلُ ظُلْمًا، وَكَمَا يُؤَاخَذُ الزَّانِي بِمُقْتَضَى الْمَفْسَدَةِ فِي اخْتِلَاطِ الْأَنْسَابِ وَإِنْ لَمْ يَقَعْ مِنْهُ غَيْرُ الْإِيلَاجِ الْمُحَرَّمِ، وَنَظَائِرُ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ؛ فالأصل صحيح، والاعتراض عليه غير وارد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015