وفي 10 سبتمبر سنة 1912 عين وكيلًا لمعهد الإسكندرية عودًا على بدء. وهنا أيضا لم يشغله توجيه دفة الأعمال الإدارية والإشراف الجدي على سير التعليم عن الإفادة العلمية الحقيقية.
وقد اتخذت إفادته العلمية هنا صورة أرقى من سابقتها، فكان يجمع العلماء المدرسين ومحبي العلم من غيرهم فأفاضل الأطباء لمدارسة القرآن الكريم والسنة النبوية، ووقع اختياره من كتب السنة على "الشفاء" للقاضي عياض، وكتاب "مشكاة المصابيح"، وكتاب "تيسير الوصول"؛ فأتمها كلها في عدة سنين.
وفي 26 أغسطس 1924 عين شيخًا لمعهد دمياط، فوضع في تنظيمه طرفًا مما وضعه في تنظيم الجامع الأحمدي، وهناك أيضا تابع السير على هذه السنة الحميدة الجامعة بين الإدارة الحازمة والإفادة العلمية، فكان تجمع العلماء لدراسة السنة النبوية والكتب الدينية وقد وجه عناية خاصة لكتاب "الموافقات في أصول الفقه" للشاطبي، وبعد أن قرأه مرارًا وضع عليه مقدمة وشرحًا، وأخرجه للناس في هذه الحلة الجديدة التي نراها اليوم. وهذه بعض آثار الفقيد من الوجهة العلمية، أما ثمرات قلمه في إصلاح التعليم وإدارة المعاهد؛ فلا تتسع لبيانها العجالة ونكتفي بأن نحيل القارئ على قماطر إدارات المعاهد، فهي تنوء بتقاريره وتعليماته في كل مرحلة من مراحل عمله.
وبالجملة فقد صرف أوقاته في خدمة العلم إفادة واستفادة، وكانت أيامه كلها خيرًا وبركة على العلم ومعاهده حتى إنه بعد أن اعتزل الأعمال الإدارية في 13 يونيو 1913 لم يفتر عزمه عن متابعة الإفادة العلمية من طريق الكتابة والتعقيب على المؤلفات الدينية