ولما كان قوله عليه الصلاة نالسلام: "وَكُلُّ خَمْرٍ حَرَامٌ" 1 مُسَلَّمًا؛ لِأَنَّهُ نَصُّ النَّبِيِّ؛ لَمْ يَعْتَرِضْ فِيهِ الْمُخَالِفُ، بَلْ قَابَلَهُ بِالتَّسْلِيمِ، واعترض القاعدة بعدم2 الطراد، وَذَلِكَ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مِنْ كَلَامِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَمْرٌ اتِّفَاقِيٌّ، لَا أَنَّهُ قَصَدَ قَصْدَ الْمَنْطِقِيِّينَ.
وَهَكَذَا يُقَالُ فِي الْقِيَاسِ الشَّرْطِيِّ فِي نَحْوِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الْأَنْبِيَاءِ: 22] ؛ لِأَنَّ "لُو" لِمَا سَيَقَعُ3 لِوُقُوعِ غَيْرِهِ؛ فَلَا اسْتِثْنَاءَ لَهَا4 فِي كَلَامِ الْعَرَبِ قَصْدًا، وَهُوَ مَعْنَى تَفْسِيرِ سِيبَوَيْهِ5، وَنَظِيرُهَا6 "إنْ"؛ لِأَنَّهَا تُفِيدُ ارْتِبَاطَ الثَّانِي بِالْأَوَّلِ فِي التَّسَبُّبِ، وَالِاسْتِثْنَاءُ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِهَا فِي صَرِيحِ كَلَامِ الْعَرَبِ؛ فَلَا احْتِيَاجَ إِلَى ضَوَابِطِ الْمَنْطِقِ فِي تَحْصِيلِ الْمُرَادِ فِي الْمَطَالِبِ الشَّرْعِيَّةِ.
وَإِلَى هَذَا الْمَعْنَى- وَاللَّهُ أعلم- أشار الباجي في "أحكام الفصول"7