الموافقات (صفحة 2701)

الخصمين إملاا أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى أَصْلٍ يَرْجِعَانِ إِلَيْهِ أَمْ لَا، فَإِنْ لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى شَيْءٍ1؛ لَمْ يَقَعْ بِمُنَاظَرَتِهِمَا فَائِدَةٌ بِحَالٍ، وَقَدْ مَرَّ هَذَا، وَإِذَا كَانَتِ الدَّعْوَى لَا بُدَّ لَهَا مِنْ دَلِيلٍ، وَكَانَ الدَّلِيلُ عِنْدَ الْخَصْمِ مُتَنَازَعًا فِيهِ، فَلَيْسَ عِنْدَهُ بِدَلِيلٍ؛ فَصَارَ الْإِتْيَانُ بِهِ عَبَثًا لا يفيد فائدة ولا يحصل [مقصودًا، و] 2 مقصود الماظرة رَدُّ الْخَصْمِ إِلَى الصَّوَابِ بِطَرِيقٍ يَعْرِفُهُ؛ لِأَنَّ رَدَّهُ بِغَيْرِ مَا يَعْرِفُهُ مِنْ بَابِ تَكْلِيفِ مَا لَا يُطَاقُ؛ فَلَا بُدَّ مِنْ رُجُوعِهِمَا إِلَى دَلِيلٍ يَعْرِفُهُ الْخَصْمُ السَّائِلُ مَعْرِفَةَ الْخَصْمِ الْمُسْتَدِلِّ.

وَعَلَى ذَلِكَ دَلَّ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} الْآيَةَ [النِّسَاءِ: 59] ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ لَا خِلَافَ فِيهِمَا عِنْدَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ، وَهُمَا الدَّلِيلُ وَالْأَصْلُ الْمَرْجُوعُ إِلَيْهِ فِي مَسَائِلِ التَّنَازُعِ، وَبِهَذَا [الْمَعْنَى] وَقَعَ الِاحْتِجَاجُ عَلَى الْكُفَّارِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُون} إِلَى قَوْلِهِ: {قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ} [المؤمنون: 84-89] .

فقررهم بما به أقروا، وَاحْتَجَّ [عَلَيْهِمْ] بِمَا عَرَفُوا؛ حَتَّى قِيلَ لَهُمْ: {فَأَنَّى تُسْحَرُون} [الْمُؤْمِنُونَ: 89] ، أَيْ: فَكَيْفَ تُخْدَعُونَ عَنِ الحق بعد ما أَقْرَرْتُمْ بِهِ، فَادَّعَيْتُمْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا غَيْرَهُ؟

وَقَالَ تَعَالَى: {إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا} [مَرْيَمَ: 42] .

وَهَذَا مِنَ الْمَعْرُوفِ عِنْدَهُمْ؛ إِذْ كَانُوا يَنْحِتُونَ بِأَيْدِيهِمْ مَا يَعْبُدُونَ.

وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ: {أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ} [الصَّافَّاتِ: 95] .

وَقَالَ تَعَالَى: {قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ} [البقرة: 258] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015