الموافقات (صفحة 2629)

الْمُجْتَهِدِينَ.

وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ وُجُودَ الْأَدِلَّةِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمُقَلِّدِينَ وَعَدَمَهَا سَوَاءٌ؛ إِذْ كَانُوا لَا يَسْتَفِيدُونَ مِنْهَا شَيْئًا؛ فَلَيْسَ النَّظَرُ فِي الْأَدِلَّةِ وَالِاسْتِنْبَاطُ مِنْ شَأْنِهِمْ، وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ لَهُمْ أَلْبَتَّةَ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النَّحْلِ: 43] .

وَالْمُقَلِّدُ غَيْرُ عَالِمٍ؛ فَلَا يَصِحُّ لَهُ إِلَّا سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ، وَإِلَيْهِمْ مَرْجِعُهُ فِي أَحْكَامِ الدِّينِ عَلَى الإطلاق، فهم إذن الْقَائِمُونَ لَهُ مَقَامَ الشَّارِعِ، وَأَقْوَالُهُمْ قَائِمَةٌ مَقَامَ [أَقْوَالِ] الشَّارِعِ.

وَأَيْضًا؛ فَإِنَّهُ إِذَا كَانَ فَقْدُ الْمُفْتِي1 يُسْقِطُ2 التَّكْلِيفَ فَذَلِكَ مساوٍ لِعَدَمِ الدَّلِيلِ؛ إِذْ لَا تَكْلِيفَ إِلَّا بِدَلِيلٍ، فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ دَلِيلٌ عَلَى الْعَمَلِ سَقَطَ التَّكْلِيفُ بِهِ؛ فَكَذَلِكَ إِذَا لَمْ يُوجَدْ مفتٍ فِي الْعَمَلِ؛ فَهُوَ غَيْرُ مُكَلَّفٍ بِهِ، فَثَبَتَ أَنَّ قَوْلَ الْمُجْتَهِدِ دَلِيلُ الْعَامِّيِّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَيَتَعَلَّقُ3 بِكِتَابِ الِاجْتِهَادِ نَظَرَانِ:

أَحَدُهُمَا: فِي تَعَارُضِ الْأَدِلَّةِ عَلَى الْمُجْتَهِدِ، وَتَرْجِيحِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ.

وَالْآخَرُ: فِي أحكام السؤال والجواب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015