الموافقات (صفحة 2626)

الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ:

يَسْقُطُ عَنِ الْمُسْتَفْتِي1 التَّكْلِيفُ بِالْعَمَلِ عِنْدَ فَقْدِ الْمُفْتِي، إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ بِهِ عِلْمٌ لَا مِنْ جِهَةِ اجْتِهَادٍ مُعْتَبَرٍ، وَلَا مِنْ تَقْلِيدٍ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أُمُورٌ:

أَحَدُهَا: أَنَّهُ إِذَا كَانَ الْمُجْتَهِدُ يَسْقُطُ عَنْهُ التَّكْلِيفُ عِنْدَ تَعَارُضِ الْأَدِلَّةِ عَلَيْهِ عَلَى الصَّحِيحِ -حَسْبَمَا تَبَيَّنَ فِي مَوْضِعِهِ مِنَ الْأُصُولِ- فَالْمُقَلِّدُ عِنْدَ فَقْدِ الْعِلْمِ بِالْعَمَلِ رَأْسًا أَحَقُّ وَأَوْلَى.

وَالثَّانِي: أَنَّ حَقِيقَةَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ رَاجِعَةٌ إِلَى الْعَمَلِ قَبْلَ تَعَلُّقِ الْخِطَابِ، وَالْأَصْلُ فِي الْأَعْمَالِ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرَائِعِ سُقُوطُ التَّكْلِيفِ؛ إِذْ لَا حُكْمَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْعِلْمِ بِالْحُكْمِ؛ إِذْ شَرْطُ التَّكْلِيفِ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ الْعِلْمُ بِالْمُكَلَّفِ بِهِ، وَهَذَا غَيْرُ عَالِمٍ [بِهِ] بِالْفَرْضِ؛ فَلَا يَنْتَهِضُ سَبَبُهُ عَلَى حَالٍ.

وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُكَلَّفًا بِالْعَمَلِ؛ لَكَانَ مِنْ تَكْلِيفِ مَا لَا يُطَاقُ؛ إِذْ هُوَ مُكَلَّفٌ بِمَا لَا يَعْلَمُ، وَلَا سَبِيلَ لَهُ إِلَى الْوُصُولِ إِلَيْهِ، فَلَوْ كُلِّفَ بِهِ لَكُلِّفَ بِمَا لَا يَقْدِرُ عَلَى الِامْتِثَالِ فِيهِ، وَهُوَ عَيْنُ الْمُحَالِ؛ إِمَّا عَقْلًا وَإِمَّا شرعًا، والمسألة بيِّنَة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015