فَصْلٌ:
وَرُبَّمَا انْتَهَتِ الْغَفْلَةُ أَوِ التَّغَافُلُ بِقَوْمٍ مِمَّنْ يُشَارُ إِلَيْهِمْ فِي أَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ صَيَّرُوا التَّرْجِيحَ بِالتَّنْقِيصِ تَصْرِيحًا أَوْ تَعْرِيضًا دَأْبَهُمْ، وَعَمَّرُوا بِذَلِكَ دَوَاوِينَهُمْ، وَسَوَّدُوا بِهِ قَرَاطِيسَهُمْ؛ حَتَّى صَارَ هَذَا النَّوْعُ تَرْجَمَةً مِنْ تَرَاجِمِ الْكُتُبِ الْمُصَنَّفَةِ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ أَوْ كَالتَّرْجَمَةِ، وَفِيهِ مَا فِيهِ مِمَّا أُشِيرَ إِلَى بَعْضِهِ، بَلْ تَطَرَّقَ الْأَمْرُ إِلَى السَّلَفِ الصَّالِحِ مِنَ الصَّحَابَةِ فَمَنْ دُونَهُمْ؛ فَرَأَيْتُ بَعْضَ التَّآلِيفِ الْمُؤَلَّفَةِ فِي تَفْضِيلِ بَعْضِ الصَّحَابَةِ عَلَى بَعْضٍ عَلَى مَنْحَى التَّنْقِيصِ بِمَنْ جَعَلَهُ مَرْجُوحًا وَتَنْزِيهِ1 الرَّاجِحِ عِنْدَهُ مِمَّا نُسِبَ إِلَى الْمَرْجُوحِ عِنْدَهُ، بَلْ أَتَى الْوَادِيَ فَطَمَّ عَلَى الْقُرَى؛ فَصَارَ هَذَا النَّحْوُ مُسْتَعْمَلًا فِيمَا بَيْنُ الْأَنْبِيَاءِ، وَتَطَرَّقَ ذَلِكَ إِلَى شِرْذِمَةٍ مِنَ الْجُهَّالِ؛ فَنَظَمُوا فِيهِ وَنَثَرُوا، وَأَخَذُوا فِي تَرْفِيعِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَتَعْظِيمِ شَأْنِهِ بِالتَّخْفِيضِ مِنْ شَأْنِ سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ، وَلَكِنْ2 مُسْتَنِدِينَ إِلَى مَنْقُولَاتٍ أَخَذُوهَا عَلَى غَيْرِ وَجْهِهَا، وَهُوَ خُرُوجٌ عَنِ الْحَقِّ، وَقَدْ عَلِمْتَ السَّبَبَ فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "لَا تُفَضِّلُوا بَيْنَ الْأَنْبِيَاءِ" 3، وَمَا قَالَ النَّاسُ فِيهِ؛ فَإِيَّاكَ وَالدُّخُولَ فِي هَذِهِ الْمَضَايِقِ؛ فَفِيهَا الْخُرُوجُ عَنِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ4.
وَأَمَّا التَّرْجِيحُ الْخَاصُّ؛ فَلْنُفْرِدْ لَهُ مسألة [على حدة] ، وهى: