الموافقات (صفحة 2546)

إِلَى كَثِيرٍ مِنْ هَذَا الْبَابِ.

وَأَخَصُّ1 مِنْ هَذَا فُتْيَا أَهْلِ الْوَرَعِ إِذَا عَلِمْتَ دَرَجَةَ الْوَرَعِ فِي مَرَاتِبِهِ؛ فَإِنَّهُ يُفْتِي بِمَا تَقْتَضِيهِ مَرْتَبَتُهُ، كَمَا يُحْكَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتْهُ عَنِ الْغَزَلِ بِضَوْءِ مَشَاعِلِ السُّلْطَانِ؛ فَسَأَلَهَا: "مَنْ أَنْتِ؟ فَقَالَتْ: أُخْتُ بِشْرٍ الْحَافِي. فَأَجَابَهَا بِتَرْكِ الْغَزَلِ بِضَوْئِهَا"2.

هَذَا مَعْنَى الْحِكَايَةِ دُونَ لَفْظِهَا.

وَقَدْ حَكَى مُطَرِّفٌ3 عَنْ مَالِكٍ فِي هَذَا الْمَعْنَى؛ أَنَّهُ قَالَ: "كَانَ مَالِكٌ يَسْتَعْمِلُ فِي نَفْسِهِ مَا لَا يُفتي بِهِ النَّاسَ"4، يَعْنِي: الْعَوَامَّ، وَيَقُولُ: "لَا يَكُونُ الْعَالِمُ عَالِمًا حَتَّى يَكُونَ كَذَلِكَ وَحَتَّى يَحْتَاطَ لِنَفْسِهِ بِمَا5 لَوْ تَرَكَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِيهِ6 إِثْمٌ". هَذَا كَلَامُهُ.

وَفِي هَذَا مِنْ كَلَامِ النَّاسِ وَالْحِكَايَاتِ عَنْهُمْ كَثِيرٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015