الْإِطْلَاقِ يَلْزَمُهُ أَنْ يُجْرِيَهَا فِي كُلِّ مُكَلَّفٍ عَلَى الْإِطْلَاقِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارٍ بِخُصُوصِيَّاتِهِمْ، وَهَذَا لَا يَصِحُّ كَذَلِكَ عَلَى مَا اسْتَمَرَّ عَلَيْهِ الْفَهْمُ فِي مَقَاصِدِ الشَّارِعِ، فَلَا يَصِحُّ مَعَ هَذَا1 إِلَّا اعْتِبَارُ خُصُوصِيَّاتِ الْأَدِلَّةِ، فَصَاحِبُ هَذِهِ الْمَرْتَبَةِ لَا يُمْكِنُهُ التَّنَزُّلُ إِلَى مَا2 تَقْتَضِيهِ رُتْبَةُ الْمُجْتَهِدِ، فَلَا يَسْتَقِيمُ مَعَ هَذَا أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ.
وَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ لِكُلِّ احْتِمَالٍ مَأْخَذًا، كَانَتِ الْمَسْأَلَةُ بِحَسَبِ النَّظَرِ الْحَقِيقِيِّ فِيهَا بَاقِيَةَ الْإِشْكَالِ3.
وَمِنْ أَمْثِلَةِ هَذِهِ الْمَرْتَبَةِ مَذْهَبُ مَنْ نَفَى الْقِيَاسَ جُمْلَةً وَأَخَذَ بِالنُّصُوصِ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَمَذْهَبُ مَنْ أَعْمَلَ الْقِيَاسَ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَلَمْ يَعْتَبِرْ مَا خَالَفَهُ مِنَ الْأَخْبَارِ جُمْلَةً، فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ غَاصَ بِهِ الْفِكْرُ فِي مَنْحًى شَرْعِيٍّ مُطْلَقٍ عَامٍّ اطَّرَدَ لَهُ4 فِي جُمْلَةِ الشَّرِيعَةِ اطِّرَادًا لَا يُتَوَهَّمُ مَعَهُ فِي الشَّرِيعَةِ نَقْصٌ5 وَلَا تَقْصِيرٌ، بَلْ عَلَى مُقْتَضَى قَوْلِهِ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُم} [المائدة: 3] .