غَيْرَ حَاكِمَةٍ عِنْدَهُ لِاسْتِيلَاءِ الْمَعْنَى الْكُلِّيِّ، فَهِيَ حَاكِمَةٌ فِي الْحَقِيقَةِ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى الْكُلِّيَّ مِنْهَا انْتَظَمَ، وَلِأَجْلِ ذَلِكَ لَا تَجِدُ صَاحِبَ هَذِهِ الْمَرْتَبَةِ يَقْطَعُ بِالْحُكْمِ بِأَمْرٍ إِلَّا وَقَامَتْ1 لَهُ الْأَدِلَّةُ الْجُزْئِيَّةُ عَاضِدَةً وَنَاصِرَةً، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَمْ تُعَضِّدْهُ وَلَا نَصَرَتْهُ، فَلَمَّا كَانَ كَذَلِكَ، ثَبَتَ أَنَّ صَاحِبَ هَذِهِ الْمَرْتَبَةِ2 مُتَمَكِّنٌ جِدًّا مِنَ الِاسْتِنْبَاطِ وَالِاجْتِهَادِ، وَهُوَ الْمَطْلُوبُ.
وَلِلْمَانِعِ أَنْ يَحْتَجَّ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ أَوْجُهٍ:
- مِنْهَا: أَنَّ صَاحِبَ هَذِهِ الْمَرْتَبَةِ إِذَا فَاجَأَتْهُ حَقَائِقُهَا، وَتَعَاضَدَتْ مَرَامِيهَا، وَاتَّصَلَ لَهُ بِالْبُرْهَانِ مَا كَانَ مِنْهَا عِنْدَهُ مَقْطُوعًا حَتَّى صَارَتِ الشَّرِيعَةُ فِي حَقِّهِ أَمْرًا مُتَّحِدًا وَمَسْلَكًا مُنْتَظِمًا، لَا يَزِلُّ عَنْهُ مِنْ مَوَارِدِهَا فَرْدٌ، وَلَا يَشِذُّ لَهُ عَنِ الِاعْتِبَارِ مِنْهَا خَاصٌّ إِلَّا3 وَهُوَ مَأْخُوذٌ بِطَرَفٍ لَا بُدَّ مِنَ اعْتِبَارِهِ عَنْ طَرَفٍ آخَرَ لَا بُدَّ أَيْضًا مِنِ اعْتِبَارِهِ؛ إِذْ قَدْ تَبَيَّنَ فِي كِتَابِ الْأَدِلَّةِ أَنَّ اعْتِبَارَ الْكُلِّيِّ مَعَ اطِّرَاحِ الْجُزْئِيِّ خَطَأٌ كَمَا فِي الْعَكْسِ، وَإِذَا كَانَ4 كَذَلِكَ، لَمْ يَسْتَحِقَّ مَنْ هَذَا حَالُهُ أَنْ يَتَرَقَّى إِلَى دَرَجَةِ الِاجْتِهَادِ حَتَّى يُكْمِلَ مَا يَحْتَاجُ إِلَى تَكْمِيلِهِ.
- وَمِنْهَا: أَنَّ لِلْخُصُوصِيَّاتِ5 خَوَاصَّ يَلِيقُ بِكُلِّ مَحَلٍّ مِنْهَا ما لا يليق بمحل