وَالثَّانِي: أَنْ يَنْتَهِيَ بِالنَّظَرِ إِلَى تَحْقِيقِ1 مَعْنَى مَا حَصَلَ عَلَى حَسَبِ مَا أَدَّاهُ إِلَيْهِ الْبُرْهَانُ الشَّرْعِيُّ، بِحَيْثُ يَحْصُلُ لَهُ الْيَقِينُ وَلَا يُعَارِضُهُ شَكٌّ، بَلْ تَصِيرُ الشُّكُوكُ -إِذَا أُورِدَتْ عَلَيْهِ- كَالْبَرَاهِينِ2 الدَّالَّةِ عَلَى صِحَّةِ مَا فِي يَدَيْهِ، فَهُوَ يَتَعَجَّبُ3 مِنَ الْمُتَشَكِّكِ فِي مَحْصُولِهِ كَمَا يَتَعَجَّبُ مِنْ ذِي عَيْنَيْنِ لَا يَرَى ضَوْءَ النَّهَارِ لَكِنَّهُ اسْتَمَرَّ بِهِ4 الْحَالُ إِلَى أَنْ زَلَّ مَحْفُوظُهُ5 عَنْ حِفْظِهِ حُكْمًا، وَإِنْ كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَهُ، فَلَا يُبَالِي فِي الْقَطْعِ عَلَى الْمَسَائِلِ، أَنُصَّ عَلَيْهَا أَوْ عَلَى خِلَافِهَا أَمْ لَا.
فَإِذَا حَصَلَ الطَّالِبُ عَلَى هَذِهِ الْمَرْتَبَةِ6، فَهَلْ يَصِحُّ مِنْهُ الِاجْتِهَادُ فِي الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ أَمْ لَا؟ هَذَا مَحَلُّ نَظَرٍ وَالْتِبَاسٍ، ومما يقع فيه الخلاف.