الموافقات (صفحة 2519)

الْإِجْمَاعِ [وَالِاخْتِلَافِ] ، وَهَذَا هُوَ الِاعْتِدَادُ بِأَقْوَالِهِمْ.

فَالْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُمُ اعْتَدُّوا بِهَا، بَلْ إِنَّمَا أَتَوْا بِهَا لِيَرُدُّوهَا وَيُبَيِّنُوا فَسَادَهَا، كَمَا أَتَوْا بِأَقْوَالِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَغَيْرِهِمْ لِيُوَضِّحُوا مَا فِيهَا، وَذَلِكَ فِي عِلْمَيِ الْأُصُولِ مَعًا بَيِّنٌ، وَمَا يَتَفَرَّعُ عَنْهَا1 مَبْنِيٌّ عَلَيْهَا.

وَالثَّانِي: إِذَا سَلِمَ اعْتِدَادُهُمْ بِهَا، فَمِنْ جِهَةِ أَنَّهُمْ غَيْرُ مُتَّبِعِينَ لِلْهَوَى بِإِطْلَاقٍ، وَإِنَّمَا الْمُتَّبِعُ لِلْهَوَى عَلَى الْإِطْلَاقِ مَنْ لَمْ يُصَدِّقْ بِالشَّرِيعَةِ رَأْسًا، وَأَمَّا مَنْ صَدَّقَ بِهَا وَبَلَغَ فِيهَا مَبْلَغًا يُظَنُّ بِهِ أَنَّهُ غَيْرُ مُتَّبِعٍ إِلَّا مُقْتَضَى الدَّلِيلِ يَصِيرُ إِلَى حَيْثُ أَصَارَهُ، فَمِثْلُهُ لَا يُقَالُ فِيهِ: إِنَّهُ مُتَّبِعٌ لِلْهَوَى مُطْلَقًا، بَلْ هُوَ مُتَّبِعٌ لِلشَّرْعِ، وَلَكِنْ بِحَيْثُ يُزَاحِمُهُ الْهَوَى فِي مَطَالِبِهِ مِنْ جِهَةِ اتِّبَاعِ الْمُتَشَابِهِ، فَشَارَكَ أَهْلَ الْهَوَى فِي دُخُولِ الْهَوَى فِي نِحْلَتِهِ، وَشَارَكَ أَهْلَ الْحَقِّ فِي أَنَّهُ لَا يَقْبَلُ إِلَّا مَا عَلَيْهِ دَلِيلٌ عَلَى الْجُمْلَةِ.

وَأَيْضًا، فَقَدْ ظَهَرَ مِنْهُمُ اتِّحَادُ الْقَصْدِ عَلَى الْجُمْلَةِ مَعَ أَهْلِ الْحَقِّ فِي مَطْلَبٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ اتِّبَاعُ الشَّرِيعَةِ، وَأَشَدُّ مَسَائِلِ الْخِلَافِ مَثَلًا مَسْأَلَةُ إِثْبَاتِ الصِّفَاتِ حَيْثُ نَفَاهَا مَنْ نَفَاهَا، فَإِنَّا إِذَا نَظَرْنَا إِلَى الْفَرِيقَيْنِ وَجَدْنَا كُلَّ فَرِيقٍ حَائِمًا حَوْلَ حِمَى التَّنْزِيهِ وَنَفْيِ النَّقَائِصِ وَسِمَاتِ الْحُدُوثِ، وَهُوَ مَطْلُوبُ الْأَدِلَّةِ، فَاخْتِلَافُهُمْ فِي الطَّرِيقِ قَدْ لَا يُخِلُّ بِهَذَا الْقَصْدِ فِي الطَّرَفَيْنِ مَعًا2، وَهَكَذَا إِذَا اعْتُبِرَتْ سَائِرُ الْمَسَائِلِ الْأُصُولِيَّةِ.

وَإِلَى هَذَا3، فَإِنَّ مِنْهَا مَا يَشْكُلُ وُرُودُهُ وَيَعْظُمُ خَطْبُ الْخَوْضِ فِيهِ، وَلِهَذَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015