أَمَّا هَذَا الثَّانِي، فَلَيْسَ فِي الْحَقِيقَةِ خِلَافًا؛ إِذْ لَوْ فَرَضْنَا اطِّلَاعَ الْمُجْتَهِدِ عَلَى مَا خَفِيَ عَلَيْهِ لَرَجَعَ1 عَنْ قَوْلِهِ، فَلِذَلِكَ يُنْقَضُ لِأَجْلِهِ قَضَاءُ الْقَاضِي.
أَمَّا الْأَوَّلُ، فَالتَّرَدُّدُ بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ تَحَرٍّ2 لِقَصْدِ الشَّارِعِ الْمُسْتَبْهَمِ بَيْنَهُمَا مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُجْتَهِدِينَ، وَاتِّبَاعٌ لِلدَّلِيلِ الْمُرْشِدِ إِلَى تَعَرُّفِ قَصْدِهِ، وَقَدْ تَوَافَقُوا فِي هَذَيْنِ الْقَصْدَيْنِ تَوَافُقًا لَوْ ظَهَرَ مَعَهُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ خِلَافُ مَا رَآهُ لَرَجَعَ إِلَيْهِ، وَلَوَافَقَ صَاحِبَهُ فِيهِ، فَقَدْ صَارَ هَذَا الْقِسْمُ فِي الْمَعْنَى رَاجِعًا إِلَى الْقِسْمِ الثَّانِي3، فَلَيْسَ الِاخْتِلَافُ فِي الْحَقِيقَةِ إِلَّا فِي الطَّرِيقِ الْمُؤَدِّي إِلَى مَقْصُودِ الشَّارِعِ الَّذِي هُوَ وَاحِدٌ، إِلَّا أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ رُجُوعُ الْمُجْتَهِدِ عَمَّا أَدَّاهُ إِلَيْهِ اجْتِهَادُهُ بِغَيْرِ بَيَانٍ اتِّفَاقًا، وَسَوَاءٌ عَلَيْنَا أَقُلْنَا بالتخطئة أم قلنا بالتصويب، إذا لا يصح للمجتهد أن يعمل على