الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ عَشْرَةَ:
مِنَ الْخِلَافِ مَا لَا يُعْتَدُّ بِهِ فِي الْخِلَافِ، وَهُوَ ضَرْبَانِ:
أَحَدُهُمَا: مَا كَانَ مِنَ الْأَقْوَالِ خَطَأً مُخَالِفًا لِمَقْطُوعٍ بِهِ فِي الشَّرِيعَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ.
وَالثَّانِي: مَا كَانَ ظَاهِرُهُ الْخِلَافَ وَلَيْسَ فِي الْحَقِيقَةِ كَذَلِكَ، وَأَكْثَرُ مَا يَقَعُ ذَلِكَ فِي تَفْسِيرِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَتَجِدُ الْمُفَسِّرِينَ يَنْقُلُونَ عَنِ السَّلَفِ فِي مَعَانِي أَلْفَاظِ الْكِتَابِ أَقْوَالًا مُخْتَلِفَةً فِي الظَّاهِرِ، فَإِذَا اعْتَبَرْتَهَا وَجَدْتَهَا تَتَلَاقَى1 عَلَى الْعِبَارَةِ كَالْمَعْنَى الْوَاحِدِ، وَالْأَقْوَالِ إِذَا أَمْكَنَ اجْتِمَاعُهَا وَالْقَوْلُ بِجَمِيعِهَا مِنْ غَيْرِ إِخْلَالٍ بِمَقْصِدِ الْقَائِلِ، فَلَا يَصِحُّ نَقْلُ الْخِلَافِ فِيهَا عَنْهُ، وَهَكَذَا يُتَّفَقُ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ، وَكَذَلِكَ فِي فَتَاوَى الْأَئِمَّةِ وَكَلَامِهِمْ فِي مَسَائِلِ الْعِلْمِ، وَهَذَا الْمَوْضِعُ مِمَّا يَجِبُ تَحْقِيقُهُ، فَإِنَّ نَقْلَ الْخِلَافِ فِي مَسْأَلَةٍ لَا خِلَافَ فِيهَا فِي الْحَقِيقَةِ خَطَأٌ، كَمَا أَنَّ نَقْلَ الْوِفَاقِ فِي مَوْضِعِ الْخِلَافِ لَا يَصِحُّ.
فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا، فَلِنَقْلِ الْخِلَافِ هنا2 أسباب: