الموافقات (صفحة 2492)

بِالدِّرْهَمِ إِلَى أَجَلٍ، وَلَكِنَّهُ أُبِيحَ لِمَا فِيهِ مِنَ الْمَرْفَقَةِ وَالتَّوْسِعَةِ عَلَى الْمُحْتَاجِينَ، بِحَيْثُ لَوْ بَقِيَ عَلَى أَصْلِ الْمَنْعِ لَكَانَ فِي ذَلِكَ ضِيقٌ عَلَى الْمُكَلَّفِينَ، وَمِثْلُهُ بَيْعُ الْعَرِيَّةِ1 بِخُرْصِهَا تَمْرًا، فَإِنَّهُ بَيْعُ الرَّطْبِ بِالْيَابِسِ، لَكِنَّهُ أُبِيحَ لِمَا فِيهِ مِنَ الرِّفْقِ وَرَفْعِ الْحَرَجِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمُعَرِّي وَالْمُعَرَّى، وَلَوِ امْتَنَعَ مُطْلَقًا، لَكَانَ وَسِيلَةً لِمَنْعِ الْإِعْرَاءِ، كَمَا أَنَّ رِبَا النَّسِيئَةِ لَوِ امْتَنَعَ فِي الْقَرْضِ لَامْتَنَعَ أَصْلُ الرِّفْقِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.

وَمِثْلُهُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ لِلْمَطَرِ2 وَجَمْعُ الْمُسَافِرِ، وَقَصْرُ الصَّلَاةِ وَالْفِطْرُ فِي السَّفَرِ الطَّوِيلِ، وَصَلَاةُ الْخَوْفِ، وَسَائِرُ التَّرَخُّصَاتِ الَّتِي3 عَلَى هَذَا السَّبِيلِ، فَإِنَّ حَقِيقَتَهَا تَرْجِعُ إِلَى اعْتِبَارِ الْمَآلِ فِي تَحْصِيلِ الْمَصَالِحِ أَوْ دَرْءِ الْمَفَاسِدِ عَلَى الْخُصُوصِ، حَيْثُ كَانَ الدَّلِيلُ الْعَامُّ يَقْتَضِي مَنْعَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّا لَوْ بَقِينَا مَعَ أَصْلِ الدَّلِيلِ الْعَامِّ لَأَدَّى إِلَى رَفْعِ مَا اقْتَضَاهُ ذَلِكَ الدَّلِيلُ مِنَ الْمَصْلَحَةِ، فَكَانَ مِنَ الْوَاجِبِ رَعْيُ ذَلِكَ الْمَآلِ إِلَى أَقْصَاهُ، وَمِثْلُهُ الِاطِّلَاعُ عَلَى الْعَوْرَاتِ فِي التَّدَاوِي، وَالْقِرَاضِ، وَالْمُسَاقَاةِ، وَإِنْ كَانَ الدَّلِيلُ الْعَامُّ يَقْتَضِي الْمَنْعَ، وَأَشْيَاءَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ كَثِيرَةً.

هَذَا نَمَطٌ مِنَ الْأَدِلَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى صِحَّةِ الْقَوْلِ بِهَذِهِ القاعدة، وعليها بنى4

طور بواسطة نورين ميديا © 2015