الْفِرَقِ أَوْ مَنِ ادَّعَى ذَلِكَ فِيهِمْ1.
وَالْخَاصِّيَّةُ الثَّانِيَةُ: هِيَ الَّتِي نَبَّهَ عَلَيْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَة} الْآيَةَ [آلِ عِمْرَانَ: 7] ، فَجَعَلَ أَهْلَ الزَّيْغِ وَالْمَيْلِ عَنِ الْحَقِّ مِمَّنْ شَأْنُهُمُ اتِّبَاعُ الْمُتَشَابِهَاتِ، وَقَدْ تَبَيَّنَ مَعْنَاهُ.
وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "فَإِذَا رَأَيْتُمُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ، فَأُولَئِكَ الَّذِينَ سَمَّى اللَّهُ فَاحْذَرُوهُمْ" 2.
وَالْخَاصِّيَّةُ الثَّالِثَةُ3: اتِّبَاعُ الْهَوَى، وَهِيَ الَّتِي نَبَّهَ عَلَيْهَا قَوْلُهُ: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ} [آلِ عِمْرَانَ: 7] ، وَهُوَ الْمَيْلُ عَنِ الْحَقِّ اتباعًا للهوى. وقوله: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّه} [الْقَصَصِ: 50] .
وَقَوْلُهُ: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْم} الْآيَةَ [الْجَاثِيَةِ: 23] .
إِلَّا أَنَّ هَذِهِ الْخَاصِّيَّةَ رَاجِعَةٌ إِلَى كُلِّ أَحَدٍ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهَا أَمْرٌ بَاطِنٌ، فَلَا يَعْرِفُهَا غَيْرُ صَاحِبِهَا، إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَيْهَا دَلِيلٌ فِي الظَّاهِرِ، وَالَّتِي قَبْلَهَا رَاجِعَةٌ إِلَى الْعُلَمَاءِ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ؛ لِأَنَّ بَيَانَ الْمُحْكَمِ وَالْمُتَشَابِهِ رَاجِعٌ إِلَيْهِمْ، فَهُمْ يَعْرِفُونَهَا وَيَعْرِفُونَ أَهْلَهَا بِمَعْرِفَتِهِمْ لَهَا، وَالَّتِي قَبْلَهَا تَعُمُّ جَمِيعَ الْعُقَلَاءِ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّ التَّوَاصُلَ أَوِ التَّقَاطُعَ معروف للناس كلهم، وبمعرفته يعرف أهله.