الموافقات (صفحة 2433)

وَالْوُقُوفِ دُونَ أَقْصَى الْمُبَالَغَةِ فِي الْبَحْثِ عَنِ النُّصُوصِ فِيهَا، وَهُوَ وَإِنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ قَصْدٍ وَلَا تَعَمُّدٍ وَصَاحِبُهُ مَعْذُورٌ وَمَأْجُورٌ، لَكِنْ مِمَّا يَنْبَنِي عَلَيْهِ فِي الِاتِّبَاعِ لِقَوْلِهِ فِيهِ خَطَرٌ عَظِيمٌ، وَقَدْ قَالَ الْغَزَالِيُّ: "إِنَّ زَلَّةَ الْعَالِمِ بِالذَّنْبِ قَدْ تَصِيرُ كَبِيرَةً وَهِيَ فِي نَفْسِهَا صَغِيرَةٌ"، وَذَكَرَ مِنْهَا أَمْثِلَةً، ثُمَّ قَالَ: "فَهَذِهِ ذُنُوبٌ يُتَّبَعُ1 الْعَالِمُ عَلَيْهَا، فَيَمُوتُ الْعَالِمُ ويبقى شره مستطيرًا في العالم آماد2 مُتَطَاوِلَةً، فَطُوبَى لِمَنْ إِذَا مَاتَ مَاتَتْ مَعَهُ ذُنُوبُهُ"3، وَهَكَذَا الْحُكْمُ مُسْتَمِرٌّ فِي زَلَّتِهِ فِي الْفُتْيَا مِنْ بَابٍ أَوْلَى، فَإِنَّهُ رُبَّمَا خَفِيَ عَلَى الْعَالِمِ بَعْضُ السُّنَّةِ أَوْ بَعْضُ الْمَقَاصِدِ الْعَامَّةِ فِي خُصُوصِ مَسْأَلَتِهِ، فَيُفْضِي ذَلِكَ إِلَى أَنْ يَصِيرَ قَوْلُهُ شَرْعًا يُتَقَلَّدُ، وَقَوْلًا يُعْتَبَرُ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ، فَرُبَّمَا رَجَعَ عَنْهُ وَتَبَيَّنَ لَهُ الْحَقُّ فَيَفُوتُهُ4 تَدَارُكُ مَا سَارَ فِي الْبِلَادِ عَنْهُ [وَيَضِلُّ عَنْهُ] 5 تَلَافِيهِ، فَمِنْ هُنَا قَالُوا: زَلَّةُ الْعَالِمِ مَضْرُوبٌ بِهَا الطَّبْلُ6.

فَصْلٌ:

إِذَا ثَبَتَ هَذَا، فَلَا بُدَّ مِنَ النَّظَرِ فِي أُمُورٍ تَنْبَنِي عَلَى هَذَا الْأَصْلِ:

-مِنْهَا: أَنَّ زَلَّةَ الْعَالِمِ لَا يَصِحُّ اعْتِمَادُهَا مِنْ جِهَةٍ7 وَلَا الْأَخْذُ بِهَا تَقْلِيدًا لَهُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا مَوْضُوعَةٌ عَلَى الْمُخَالَفَةِ لِلشَّرْعِ، وَلِذَلِكَ عُدَّتْ زَلَّةً، وَإِلَّا فَلَوْ كَانَتْ مُعْتَدًّا بِهَا؛ لَمْ يُجْعَلْ لَهَا هَذِهِ الرُّتْبَةُ، وَلَا نُسِبَ إِلَى صَاحِبِهَا الزَّلَلُ فِيهَا، كَمَا أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُنْسَبَ صَاحِبُهَا إِلَى التَّقْصِيرِ8، وَلَا أَنْ يشنع عليه بها، ولا ينتقص

طور بواسطة نورين ميديا © 2015