الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ:
الِاجْتِهَادُ الْوَاقِعُ فِي الشَّرِيعَةِ ضَرْبَانِ:
أَحَدُهُمَا: الِاجْتِهَادُ الْمُعْتَبَرُ شَرْعًا، وَهُوَ الصَّادِرُ عَنْ أَهْلِهِ الَّذِينَ اضْطَلَعُوا1 بِمَعْرِفَةِ مَا يَفْتَقِرُ إِلَيْهِ الِاجْتِهَادُ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِيهِ. وَالثَّانِي: غَيْرُ الْمُعْتَبَرِ وَهُوَ الصَّادِرُ عَمَّنْ لَيْسَ بِعَارِفٍ بِمَا يَفْتَقِرُ الِاجْتِهَادُ إِلَيْهِ؛ لِأَنَّ حَقِيقَتَهُ أَنَّهُ رَأْيٌ بِمُجَرَّدِ التَّشَهِّي وَالْأَغْرَاضِ، وَخَبْطٌ فِي عِمَايَةٍ، وَاتِّبَاعٌ لِلْهَوَى، فَكُلُّ رَأْيٍ صَدَرَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَلَا مِرْيَةَ فِي عَدَمِ اعْتِبَارِهِ؛ لِأَنَّهُ ضِدُّ الْحَقِّ الَّذِي أَنْزَلَ اللَّهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُم} [الْمَائِدَةِ: 49] .
وَقَالَ تَعَالَى: {يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّه} الْآيَةَ [ص: 26] .
وَهَذَا عَلَى الْجُمْلَةِ لَا إِشْكَالَ فِيهِ، وَلَكِنْ قَدْ يَنْشَأُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْقِسْمَيْنِ قِسْمٌ آخَرُ فَأَمَّا القسم الأول، وهي: