فَقَالَ جَمِيعُهُمْ بِقَوْلِهِمُ الْأَوَّلِ مِنَ الْمَنْعِ مِنْ تَغْيِيرِ الْحُبْسِ عَنْ وَجْهِهِ، وَابْنُ لُبَابَةَ سَاكِتٌ؛ فقال له القاضي: مَا تَقُولُ أَنْتَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ؟ قَالَ: أَمَّا قَوْلُ إِمَامِنَا مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ؛ فَالَّذِي قَالَهُ أَصْحَابُنَا الْفُقَهَاءُ، وَأَمَّا أَهْلُ الْعِرَاقِ؛ فَإِنَّهُمْ لَا يُجِيزُونَ1 الْحُبْسَ أَصْلًا، وَهُمْ عُلَمَاءُ أَعْلَامٌ يَهْتَدِي بِهِمْ أَكْثَرُ الْأُمَّةِ، وَإِذْ بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ2 الْحَاجَةِ إِلَى هَذَا الْمِجْشَرِ مَا بِهِ فَمَا يَنْبَغِي أَنْ يُرَدَّ عَنْهُ، وَلَهُ فِي السُّنَّةِ فُسْحَةٌ، وَأَنَا أَقُولُ فِيهِ بِقَوْلِ أَهْلِ الْعِرَاقِ، وَأَتَقَلَّدُ ذَلِكَ رَأْيًا، فَقَالَ لَهُ الْفُقَهَاءُ: سُبْحَانَ اللَّهِ! تَتْرُكُ قَوْلَ مَالِكٍ الَّذِي أَفْتَى بِهِ أَسْلَافُنَا وَمَضَوْا عَلَيْهِ وَاعْتَقَدْنَاهُ بَعْدَهُمْ وَأَفْتَيْنَا بِهِ لَا نَحِيدُ عَنْهُ بِوَجْهٍ، وَهُوَ رَأْيُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَرَأْيُ الْأَئِمَّةِ آبَائِهِ؟ فَقَالَ لَهُ3 مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى: نَاشَدْتُكُمُ اللَّهَ الْعَظِيمَ أَلَمْ تَنْزِلْ بِأَحَدٍ مِنْكُمْ مُلِمَّةٌ بَلَغَتْ بِكُمْ أن أخذتهم4 فِيهَا بِقَوْلِ غَيْرِ مَالِكٍ فِي خَاصَّةِ أَنْفُسِكُمْ وَأَرْخَصْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ؟ 5 قَالُوا: بَلَى. قَالَ: فَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ؛ أَوْلَى بِذَلِكَ فَخُذُوا بِهِ مَآخِذَكُمْ، وَتَعَلَّقُوا بِقَوْلِ مَنْ يُوَافِقُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ؛ فَكُلُّهُمْ قُدْوَةٌ. فَسَكَتُوا، فقال للقاضي: أنه6 إلى أمير