فَصْلٌ:
وَقَدْ أَدَّى إِغْفَالُ هَذَا الْأَصْلِ إِلَى أَنْ صَارَ كَثِيرٌ مِنْ مُقَلِّدَةِ الْفُقَهَاءِ يُفْتِي قَرِيبَهُ أَوْ صَدِيقَهُ بِمَا لَا يُفْتِي بِهِ غَيْرَهُ مِنَ الْأَقْوَالِ؛ اتِّبَاعًا لِغَرَضِهِ1 وَشَهْوَتِهِ، أَوْ لِغَرَضِ ذَلِكَ الْقَرِيبِ وَذَلِكَ الصَّدِيقِ.
وَلَقَدْ وُجِدَ هَذَا فِي الْأَزْمِنَةِ السَّالِفَةِ فَضْلًا عَنْ زَمَانِنَا كَمَا وُجِدَ فِيهِ تَتَبُّعُ رُخَصِ الْمَذَاهِبِ اتِّبَاعًا لِلْغَرَضِ وَالشَّهْوَةِ، وَذَلِكَ فِيمَا لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ فَصْلُ قَضِيَّةٍ وَفِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ ذَلِكَ.
فَأَمَّا مَا لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ فَصْلُ قَضِيَّةٍ، بَلْ هُوَ فِيمَا بَيْنَ الْإِنْسَانِ وَبَيْنَ نَفْسِهِ فِي عِبَادَتِهِ أَوْ عَادَتِهِ؛ فَفِيهِ مِنَ الْمَعَايِبِ مَا تَقَدَّمَ وَحَكَى عِيَاضٌ فِي "الْمَدَارِكِ"2: "قَالَ مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ: كُنْتُ عِنْدَ الْبُهْلُولِ بْنِ رَاشِدٍ إِذْ أَتَاهُ ابْنُ فُلَانٍ3؛ فَقَالَ لَهُ بُهْلُولٌ: مَا أَقْدَمَكَ؟ قَالَ: نَازِلَةٌ، رَجُلٌ ظَلَمَهُ السُّلْطَانُ فأخفيته وحلفت بالطلاق