الموافقات (صفحة 2372)

فَإِنَّ هَذَا مُنَاقِضٌ لِمَا تَقَدَّمَ.

وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ: إِنَّ اخْتِلَافَهُمْ رَحْمَةٌ وَسِعَةٌ؛ فَقَدْ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: "لَيْسَ فِي اخْتِلَافِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَعَةٌ، وَإِنَّمَا الْحَقُّ فِي وَاحِدٍ، قِيلَ لَهُ: فَمَنْ يَقُولُ إِنَّ كُلَّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ؟ فَقَالَ: هَذَا لَا يَكُونُ [هَكَذَا، لَا يَكُونُ] قَوْلَانِ مُخْتَلِفَيْنِ1 صَوَابَيْنِ".

وَلَوْ سَلِمَ؛ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ جِهَةِ فَتْحِ بَابِ الِاجْتِهَادِ، وَأَنَّ مَسَائِلَ الِاجْتِهَادِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ فِيهَا سَعَةً بِتَوْسِعَةِ مَجَالِ الِاجْتِهَادِ لَا غَيْرَ ذَلِكَ، قَالَ الْقَاضِي إِسْمَاعِيلُ2: "إِنَّمَا التَّوْسِعَةُ فِي اخْتِلَافِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوْسِعَةٌ فِي اجْتِهَادِ الرَّأْيِ، فَأَمَّا أَنْ يَكُونَ تَوْسِعَةً أَنْ3 يَقُولَ الْإِنْسَانُ4 بِقَوْلِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ الْحَقُّ عِنْدَهُ فِيهِ فَلَا، وَلَكِنَّ اخْتِلَافَهُمْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمُ اجْتَهَدُوا، فَاخْتَلَفُوا".

قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ5: "كَلَامُ إِسْمَاعِيلَ هَذَا حَسَنٌ جِدًّا".

وَأَيْضًا؛ فَإِنَّ قَوْلَ مَنْ قَالَ: "إِنَّ اخْتِلَافَهُمْ رَحْمَةٌ" يُوَافِقُ مَا تقدم6، وذلك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015