وَأَيْضًا؛ فَطَائِفَةٌ1 مِنَ الْعُلَمَاءِ جَوَّزُوا أَنْ يَأْتِيَ في الشريعة دليلان متعارضان، ويجويز ذَلِكَ عِنْدَهُمْ مُسْتَنِدٌ إِلَى أَصْلٍ شَرْعِيٍّ فِي الِاخْتِلَافِ.
وَطَائِفَةٌ أَيْضًا رَأَوْا أَنَّ قَوْلَ الصَّحَابِيِّ حُجَّةٌ2؛ فَكُلُّ قَوْلِ صَحَابِيٍّ وَإِنْ عَارَضَهُ قَوْلُ صَحَابِيٍّ آخَرَ؛ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حُجَّةٌ، وَلِلْمُكَلَّفِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُتَمَسَّكٌ، وَقَدْ نُقِلَ هَذَا الْمَعْنَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ قَالَ: "أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ بِأَيِّهِمُ اقْتَدَيْتُمُ اهْتَدَيْتُمْ" 3، فَأَجَازَ جَمَاعَةٌ الْأَخْذَ بِقَوْلِ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ إِذَا اخْتَلَفُوا.
وَقَالَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ: "لَقَدْ نَفَعَ اللَّهُ بِاخْتِلَافِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وسلم في أعمالهم، لا يعلم الْعَامِلُ بِعَمَلِ رَجُلٍ مِنْهُمْ إِلَّا رَأَى أَنَّهُ فِي سَعَةٍ، وَرَأَى أَنَّ خَيْرًا مِنْهُ قَدْ عَمِلَهُ"4.
وَعَنْهُ أَيْضًا: "أَيَّ ذَلِكَ أَخَذْتَ بِهِ لم يكن في نفسك منه شيء"5.