الموافقات (صفحة 2362)

فَإِنْ قِيلَ: إِنْ كَانَ ثَمَّ مَا يَدُلُّ عَلَى رَفْعِ الِاخْتِلَافِ فَثَمَّ مَا يَقْتَضِي وُقُوعَهُ فِي الشَّرِيعَةِ، وَقَدْ وَقَعَ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أُمُورٌ:

- مِنْهَا: إِنْزَالُ الْمُتَشَابِهَاتِ؛ فَإِنَّهَا مَجَالٌ لِلِاخْتِلَافِ لِتَبَايُنِ الْأَنْظَارِ وَاخْتِلَافِ الْآرَاءِ وَالْمَدَارِكِ، هَذَا وَإِنْ كَانَ التَّوَقُّفُ فِيهَا هُوَ الْمَحْمُودَ؛ فَإِنَّ الِاخْتِلَافَ فِيهَا قَدْ وَقَعَ، وَوَضْعُ الشَّارِعِ لَهَا مَقْصُودٌ لَهُ، وَإِذَا كَانَ مَقْصُودًا لَهُ وَهُوَ عَالِمٌ بِالْمَآلَاتِ؛ فَقَدْ جُعِلَ سَبِيلًا إِلَى الِاخْتِلَافِ2، فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُنْفَى عَنِ الشَّارِعِ رَفْعُ3 مَجَالِ الِاخْتِلَافِ جُمْلَةً.

- وَمِنْهَا: الْأُمُورُ الِاجْتِهَادِيَّةُ الَّتِي جَعَلَ الشَّارِعُ فيها للاختلاف مجالًا؛ فكثيرًا ما تتوارد عل الْمَسْأَلَةِ الْوَاحِدَةِ أَدِلَّةٌ قِيَاسِيَّةٌ4 وَغَيْرُ قِيَاسِيَّةٍ، بِحَيْثُ يظهر بينهما التَّعَارُضُ، وَمَجَالُ5 الِاجْتِهَادِ مِمَّا6 قَصَدَهُ الشَّارِعُ فِي وَضْعِ الشَّرِيعَةِ حِينَ شَرَعَ الْقِيَاسَ وَوَضَعَ الظَّوَاهِرَ التي تختلف فِي أَمْثَالِهَا النُّظَّارُ لِيَجْتَهِدُوا فَيُثَابُوا عَلَى ذَلِكَ، وَلِذَلِكَ نَبَّهَ فِي الْحَدِيثِ عَلَى هَذَا الْمَقْصِدِ بقوله عليه الصلاة والسلام:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015