الموافقات (صفحة 2357)

وَلَوْ كَانَ فِيهِ مَا يَقْتَضِي قَوْلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ لَمْ يَصْدُقْ عَلَيْهِ هَذَا الْكَلَامُ عَلَى حَالٍ.

وَفِي الْقُرْآنِ: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} الْآيَةَ [النِّسَاءِ: 59] ، وَهَذِهِ الْآيَةُ صَرِيحَةٌ فِي رَفْعِ1 التَّنَازُعِ وَالِاخْتِلَافِ؛ فَإِنَّهُ رَدَّ الْمُتَنَازِعِينَ إِلَى الشَّرِيعَةِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ إِلَّا لِيَرْتَفِعَ الاختلاف، ولا يرتفع الاختلاف إلا بالرجوع إلى شَيْءٍ وَاحِدٍ؛ إِذْ لَوْ كَانَ فِيهِ مَا يَقْتَضِي الِاخْتِلَافَ لَمْ يَكُنْ فِي الرُّجُوعِ إِلَيْهِ رَفْعُ تَنَازُعٍ، وَهَذَا بَاطِلٌ2.

وَقَالَ تَعَالَى: {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ} 3 ... الْآيَةَ [آلِ عِمْرَانَ: 105] ، وَالْبَيِّنَاتُ هِيَ الشَّرِيعَةُ، فَلَوْلَا أَنَّهَا لَا تَقْتَضِي الِاخْتِلَافَ وَلَا تَقْبَلُهُ الْبَتَّةَ لَمَا قِيلَ لَهُمْ: مِنْ بَعْدِ كَذَا، وَلَكَانَ لَهُمْ فِيهَا أَبْلَغُ الْعُذْرِ، وَهَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ؛ فَالشَّرِيعَةُ لَا اخْتِلَافَ فِيهَا.

وَقَالَ تَعَالَى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} [الْأَنْعَامِ: 153] فَبَيَّنَ أَنَّ طَرِيقَ الْحَقِّ وَاحِدٌ، وَذَلِكَ عَامٌّ في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015