فِي مُجْتَهِدٍ يَعْتَمِدُ عَلَى اجْتِهَادِهِ بِإِطْلَاقٍ، وَلَا يَكُونُ كَذَلِكَ مَعَ تَقْلِيدِهِ فِي بَعْضِ الْمَعَارِفِ الْمَبْنِيِّ عَلَيْهَا.
فَالْجَوَابُ: إِنَّ ذَلِكَ شَرْطٌ فِي العلم بالمسألة1 المجتهد فيها بإطلاق لا شرطًا فِي صِحَّةِ الِاجْتِهَادِ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الْمَعَارِفَ لَيْسَتْ جُزْءًا مِنْ مَاهِيَّةِ الِاجْتِهَادِ، وَإِنَّمَا الِاجْتِهَادُ يُتَوَصَّلُ إليها بِهَا، فَإِذَا كَانَتْ مُحَصَّلَةً بِتَقْلِيدٍ أَوْ بِاجْتِهَادٍ أَوْ بِفَرْضِ2 مُحَالٍ، بِحَيْثُ يُفْرَضُ تَسْلِيمُ صَاحِبِ تِلْكَ
الْمَعَارِفِ الْمُجْتَهَدِ فِيهَا مَا حُصِّلَ هَذَا ثُمَّ بَنَى عَلَيْهِ؛ كَانَ بِنَاؤُهُ صَحِيحًا لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ هُوَ اسْتِفْرَاغُ الْوُسْعِ فِي تَحْصِيلِ الْعِلْمِ أَوِ الظَّنِّ بِالْحُكْمِ، وَهُوَ قَدْ وَقَعَ، وَيُبَيِّنُ ذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ فِي الْوَجْهِ الثَّانِي، وَأَنَّ الْعُلَمَاءَ3 الَّذِينَ بَلَغُوا دَرَجَةَ الِاجْتِهَادِ عِنْدَ عَامَّةِ النَّاسِ؛ كَمَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي حَنِيفَةَ
كَانَ لَهُمْ أَتْبَاعٌ أَخَذُوا عَنْهُمْ وَانْتَفَعُوا بِهِمْ، وَصَارُوا فِي عِدَادِ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ، مَعَ أَنَّهُمْ عِنْدَ النَّاسِ مُقَلِّدُونَ فِي الْأُصُولِ لِأَئِمَّتِهِمْ، ثُمَّ اجْتَهَدُوا بِنَاءً
عَلَى مُقَدِّمَاتٍ مُقَلَّدٍ فِيهَا، وَاعْتُبِرَتْ أَقْوَالُهُمْ وَاتُّبِعَتْ آرَاؤُهُمْ، وَعُمِلَ عَلَى وَفْقِهَا، مَعَ مُخَالَفَتِهِمْ لِأَئِمَّتِهِمْ وَمُوَافَقَتِهِمْ، فَصَارَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَوْ قَوْلُ أشهب أو