الِاجْتِهَادِ؛ فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ مَطَالِبَ1 لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِهَا:
أَمَّا الْأَوَّلُ:
وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مُجْتَهِدًا فِي كُلِّ عِلْمٍ يَتَعَلَّقُ بِهِ الِاجْتِهَادُ عَلَى الْجُمْلَةِ؛ فَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أُمُورٌ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ؛ لَمْ يُوجَدْ مُجْتَهِدٌ إِلَّا فِي النُّدْرَةِ مِمَّنْ سِوَى2
الصَّحَابَةِ، وَنَحْنُ نُمَثِّلُ بِالْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ؛ فَالشَّافِعِيُّ عِنْدَهُمْ مقلِّد فِي الْحَدِيثِ لَمْ يَبْلُغْ دَرَجَةَ الِاجْتِهَادِ فِي انْتِقَادِهِ وَمَعْرِفَتِهِ3، وَأَبُو حَنِيفَةَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا عَدُّوا مِنْ أَهْلِهِ مَالِكًا وَحْدَهُ، وَتَرَاهُ فِي الْأَحْكَامِ يُحِيلُ عَلَى غَيْرِهِ كَأَهْلِ التَّجَارِبِ وَالطِّبِّ وَالْحَيْضِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَيَبْنِي الْحُكْمَ عَلَى ذَلِكَ وَالْحُكْمُ4 لا يستقل دون ذلك