مِنْ أَهْلِ الْوَصِيَّةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَا حَاجَةَ بِهِ وَلَا فَقْرَ وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ نِصَابًا، وَبَيْنَهُمَا وَسَائِطُ؛ كَالرَّجُلِ يَكُونُ لَهُ الشَّيْءُ وَلَا سَعَةَ لَهُ؛ فَيَنْظُرُ فِيهِ: هَلِ الْغَالِبُ عَلَيْهِ حُكْمُ الْفَقْرِ أَوْ حُكْمُ الْغِنَى؟ وَكَذَلِكَ فِي فَرْضِ نَفَقَاتِ الزَّوْجَاتِ وَالْقَرَابَاتِ؛ إِذْ هُوَ مُفْتَقِرٌ إِلَى النَّظَرِ فِي حَالِ الْمُنْفَقِ عَلَيْهِ وَالْمُنْفِقِ1، وَحَالِ الْوَقْتِ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي لَا تَنْضَبِطُ بِحَصْرٍ، وَلَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاءُ الْقَوْلِ فِي آحَادِهَا؛ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُسْتَغْنَى ههنا بِالتَّقْلِيدِ؛ لِأَنَّ التَّقْلِيدَ إِنَّمَا يُتَصَوَّرُ بَعْدَ تَحْقِيقِ مَنَاطِ الْحُكْمِ الْمُقَلَّدِ فِيهِ، وَالْمَنَاطُ هُنَا لَمْ يَتَحَقَّقْ بَعْدُ؛ لِأَنَّ كُلَّ صُورَةٍ مِنْ صُوَرِهِ النَّازِلَةِ نَازِلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ فِي نَفْسِهَا لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهَا نَظِيرٌ، وَإِنْ تَقَدَّمَ لَهَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَلَمْ يَتَقَدَّمْ لَنَا؛ فَلَا بُدَّ مِنَ النَّظَرِ فِيهَا بِالِاجْتِهَادِ، وَكَذَلِكَ إِنْ فَرَضْنَا أَنَّهُ تَقَدَّمَ لَنَا مِثْلُهَا؛ فَلَا بُدَّ مِنَ النَّظَرِ في كونها مثلها أولا، وَهُوَ نَظَرٌ اجْتِهَادِيٌّ2 أَيْضًا، وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِيمَا فِيهِ حُكُومَةٌ مِنْ أُرُوشِ الْجِنَايَاتِ، وَقِيَمِ الْمُتْلَفَاتِ.
وَيَكْفِيكَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الشَّرِيعَةَ لَمْ تَنُصَّ3 عَلَى حُكْمِ كُلِّ جُزْئِيَّةٍ عَلَى حِدَتِهَا، وَإِنَّمَا أَتَتْ بِأُمُورٍ كُلِّيَّةٍ وَعِبَارَاتٍ مُطْلَقَةٍ تَتَنَاوَلُ أَعْدَادًا لَا تَنْحَصِرُ، وَمَعَ ذَلِكَ؛ فَلِكُلِّ مُعَيَّنٍ خُصُوصِيَّةٌ لَيْسَتْ فِي غَيْرِهِ وَلَوْ فِي نَفْسِ التَّعْيِينِ، وليس ما به