أَحَدُهَا:
ثَنَاءُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ مِنْ غَيْرِ مَثْنَوِيَّةٍ1، وَمَدْحُهُمْ بِالْعَدَالَةِ وَمَا يَرْجِعُ إِلَيْهَا؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آلِ عِمْرَانَ: 110] .
وَقَوْلِهِ: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [الْبَقَرَةِ: 143] .
فَفِي الْأُولَى إِثْبَاتُ الْأَفْضَلِيَّةِ عَلَى سَائِرِ الْأُمَمِ، وَذَلِكَ يَقْضِي بِاسْتِقَامَتِهِمْ فِي كُلِّ حَالٍ، وَجَرَيَانِ أَحْوَالِهِمْ عَلَى الْمُوَافَقَةِ دُونَ الْمُخَالَفَةِ، وَفِي الثَّانِيَةِ إِثْبَاتُ الْعَدَالَةِ مُطْلَقًا، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْأُولَى.
وَلَا يُقَالُ: إِنَّ هَذَا عَامٌّ فِي الْأُمَّةِ؛ فَلَا يَخْتَصُّ2 بِالصَّحَابَةِ دُونَ مَنْ بَعْدَهُمْ لِأَنَّا نَقُولُ: "أَوَّلًا" لَيْسَ كَذَلِكَ، بِنَاءً عَلَى أَنَّهُمُ الْمُخَاطَبُونَ عَلَى الْخُصُوصِ، وَلَا يَدْخُلُ3 مَعَهُمْ مَنْ بَعْدَهُمْ إِلَّا بِقِيَاسٍ وَبِدَلِيلٍ آخر.