الموافقات (صفحة 212)

وَلَا ثَمَرَةَ تُجنى مِنْهُ؛ فَلَا تَعَلُّقَ بِهِ بِوَجْهٍ.

فَصْلٌ:

وَقَدْ يَعْرِضُ لِلْقِسْمِ الْأَوَّلِ أَنْ يُعَدَّ مِنَ الثَّانِي، وَيُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي خَلْطِ بَعْضِ الْعُلُومِ بِبَعْضٍ؛ كَالْفَقِيهِ يَبْنِي فِقْهَهُ عَلَى مَسْأَلَةٍ نَحْوِيَّةٍ مَثَلًا، فَيَرْجِعُ إِلَى تَقْرِيرِهَا مَسْأَلَةً -كَمَا يُقَرِّرُهَا النَّحْوِيُّ- لَا مُقَدِّمَةً مُسَلَّمَةً، ثُمَّ يَرُدُّ مَسْأَلَتَهُ الْفِقْهِيَّةَ إِلَيْهَا، وَالَّذِي كَانَ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا عَلَى أَنَّهَا مَفْرُوغٌ مِنْهَا فِي عِلْمِ النَّحْوِ فَيَبْنِي عَلَيْهَا، فَلَمَّا لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ، وَأَخَذَ يَتَكَلَّمُ فِيهَا, وَفِي تَصْحِيحِهَا، وَضَبْطِهَا، وَالِاسْتِدْلَالِ عَلَيْهَا، كَمَا يَفْعَلُهُ النَّحْوِيُّ؛ صَارَ الْإِتْيَانُ بِذَلِكَ فَضْلًا1 غَيْرَ مُحْتَاجٍ إِلَيْهِ، وَكَذَلِكَ إِذَا افْتَقَرَ إِلَى مَسْأَلَةٍ [عَدَدِيَّةٍ؛ فَمِنْ حَقِّهِ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا مَسْلَمَةً] 2 لِيُفَرِّعَ عَلَيْهَا فِي عِلْمِهِ، فَإِنْ أَخَذَ يَبْسُطُ الْقَوْلَ فِيهَا كَمَا يَفْعَلُهُ الْعَدَدِيُّ فِي عِلْمِ الْعَدَدِ؛ كَانَ فَضْلًا مَعْدُودًا مِنَ المُلَح إِنْ عُدَّ مِنْهَا، وَهَكَذَا سَائِرُ الْعُلُومِ الَّتِي يَخْدِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا.

وَيَعْرِضُ أَيْضًا لِلْقِسْمِ الْأَوَّلِ أَنْ يَصِيرَ مِنَ الثَّالِثِ، وَيُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِيمَنْ يَتَبَجَّحُ بِذِكْرِ الْمَسَائِلِ الْعِلْمِيَّةِ لِمَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا، أَوْ ذِكْرِ كِبَارِ الْمَسَائِلِ لِمَنْ لَا يَحْتَمِلُ عَقْلُهُ إِلَّا صِغَارَهَا، عَلَى ضِدِّ التَّرْبِيَةِ الْمَشْرُوعَةِ، فَمِثْلُ هَذَا يُوقِعُ فِي مَصَائِبَ3، وَمِنْ أَجْلِهَا قَالَ عَلِيٌّ, رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا يَفْهَمُونَ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015