لَهُ أَبُو يُوسُفَ: هَذَا الْكُوفِيُّ قَدِ اسْتَفْرَغَكَ وَغَلَبَ عَلَيْكَ.
فَقَالَ: يَا أَبَا يُوسُفَ! إِنَّهُ لَيَأْتِيَنِي بِأَشْيَاءَ يَشْتَمِلُ عَلَيْهَا قَلْبِي.
فَأَقْبَلَ الْكِسَائِيُّ عَلَى أَبِي يُوسُفَ، فَقَالَ: يَا أَبَا يُوسُفَ! هَلْ لَكَ فِي مَسْأَلَةٍ؟
فَقَالَ: نَحْوٌ أَمْ فِقْهٌ؟
قَالَ: بَلْ فِقْهٌ.
فَضَحِكَ الرَّشِيدُ حَتَّى فَحَصَ بِرِجْلِهِ، ثُمَّ قَالَ: تُلْقِي عَلَى أَبِي يُوسُفَ فِقْهًا؟
قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: يَا أَبَا يُوسُفَ! مَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ دَخَلَتِ الدَّارَ، وَفَتَحَ أَنْ؟
قَالَ: إِذَا دَخَلَتْ طَلَقَتْ.
قَالَ: أَخْطَأْتَ يَا أَبَا يُوسُفَ.
فَضَحِكَ الرَّشِيدُ، ثُمَّ قَالَ: كَيْفَ الصَّوَابُ؟
قَالَ: إِذَا قَالَ "أَنْ"؛ فَقَدْ وَجَبَ الْفِعْلُ وَوَقَعَ الطَّلَاقُ، وَإِنْ قَالَ: "إِنْ"؛ فَلَمْ يَجِبْ وَلَمْ يَقَعِ الطَّلَاقُ.
قَالَ: فَكَانَ أَبُو يُوسُفَ بَعْدَهَا لَا يَدْعُ أَنْ يَأْتِيَ الكسائي1.