الموافقات (صفحة 1975)

الله عليهم فيما هو باطل، وأحق؛ فَقَالَ: {قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُم} ، [ {وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ} ] الْآيَةَ [التَّوْبَةِ: 61] وَلَمَّا قَصَدُوا الْإِذَايَةَ بِذَلِكَ الْكَلَامِ قَالَ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [التَّوْبَةِ: 61] .

وَقَالَ تَعَالَى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ} [يس: 47] ؛ فَهَذَا مَنْعُ امْتِنَاعٍ عَنِ الْإِنْفَاقِ بِحُجَّةِ قَصْدِهِمْ فِيهَا الِاسْتِهْزَاءِ؛ فَرَدَّ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ: {إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} [يس: 47] ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ حَيْدٌ عَنِ امْتِثَالِ الْأَمْرِ، وَجَوَابُ {أَنْفِقُوا} أَنْ يُقَالَ: نَعَمْ أَوْ لَا، وَهُوَ الِامْتِثَالُ أَوِ الْعِصْيَانُ، فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَى الِاحْتِجَاجِ عَلَى الِامْتِنَاعِ بِالْمَشِيئَةِ الْمُطْلَقَةِ الَّتِي لَا تُعَارَضُ؛ انْقَلَبَ1 عَلَيْهِمْ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَعْرِفُوا؛ إِذْ حَاصِلُهُ أَنَّهُمُ اعْتَرَضُوا عَلَى الْمَشِيئَةِ الْمُطْلَقَةِ؛ بِالْمَشِيئَةِ2 الْمُطْلَقَةِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ شَاءَ أَنْ يُكَلِّفَهُمُ الْإِنْفَاقَ، فَكَأَنَّهُمْ قَالُوا: كَيْفَ3 يَشَاءُ الطَّلَبُ مِنَّا وَلَوْ شَاءَ أَنْ يُطْعِمَهُمْ لِأَطْعَمَهُمْ؟ وَهَذَا عَيْنُ الضَّلَالِ فِي نَفْسِ الْحُجَّةِ.

وَقَالَ تَعَالَى: {وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ ... } إِلَى قَوْلِهِ: {وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا} [الْأَنْبِيَاءِ: 78] ؛ فَقَوْلُهُ: {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ} [الْأَنْبِيَاءِ: 79] تَقْرِيرٌ لِإِصَابَتِهِ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- فِي ذَلِكَ الْحُكْمِ، وَإِيمَاءٌ إِلَى خِلَافِ ذَلِكَ فِي دَاوُدَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- لَكِنْ لَمَّا كان المجتهد معذورًا مأجورًا بعد بذله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015