وَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ مَسْعُودٍ؛ فَقَالَ: تَرَكْتُ فِي الْمَسْجِدِ رَجُلًا يُفَسِّرُ الْقُرْآنَ بِرَأْيِهِ، يُفَسِّرُ هَذِهِ الْآيَةَ {يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} [الدُّخَانِ: 10] ؛ قَالَ: يَأْتِي النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ دُخَانٌ، فيأخذ بأنفاسهم، حتى يأخذهم [منه] كَهَيْئَةِ الزُّكَامِ. فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: "مَنْ عَلِمَ عِلْمًا فَلْيَقُلْ بِهِ، وَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلْيَقُلْ: اللَّهُ أَعْلَمُ؛ فَإِنَّ مِنْ فِقْهِ الرَّجُلِ أَنْ يَقُولَ لِمَا لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ: اللَّهُ أَعْلَمُ، إِنَّمَا كَانَ هَذَا لِأَنَّ قُرَيْشًا اسْتَعْصَوْا عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَعَا عَلَيْهِمْ بِسِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ فَأَصَابَهُمْ قَحْطٌ وَجَهْدٌ حَتَّى أَكَلُوا الْعِظَامَ، فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَنْظُرُ إِلَى السَّمَاءِ فَيَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا كَهَيْئَةِ الدُّخَانِ مِنَ الْجَهْدِ؛ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} الآية [الدخان: 10] ... " إلى آخر القصة1.
وهذا شَأْنُ أَسْبَابِ النُّزُولِ فِي التَّعْرِيفِ بِمَعَانِي الْمُنَزَّلِ، بِحَيْثُ لَوْ فُقِدَ ذِكْرُ السَّبَبِ؛ لَمْ يُعْرَفْ مِنَ الْمُنَزَّلِ مَعْنَاهُ عَلَى الْخُصُوصِ، دُونَ تَطَرُّقِ الِاحْتِمَالَاتِ وَتَوَجُّهِ الْإِشْكَالَاتِ، وَقَدْ قَالَ, عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "خُذُوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ" 2، مِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَقَدْ قَالَ فِي خُطْبَةٍ خطبها: "والله؛ لقد