أُوتُوا الْكِتَابَ ... } إِلَى قَوْلِهِ: {وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا} [آلِ عِمْرَانَ: 187-188] ؛ فَهَذَا السَّبَبُ بَيِّنٌ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الْآيَةِ غَيْرُ مَا ظَهَرَ لِمَرْوَانَ.
وَالْقُنُوتُ يَحْتَمِلُ وُجُوهًا1 مِنَ الْمَعْنَى يُحْمَلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِين} [الْبَقَرَةِ: 238] ، فَإِذَا عُرِفَ السَّبَبُ؛ تَعَيَّنَ الْمَعْنَى الْمُرَادُ.
وَرُوِيَ أَنَّ عُمَرَ اسْتَعْمَلَ قُدَامَةَ بْنَ مَظْعُونٍ عَلَى الْبَحْرَيْنِ؛ فَقَدِمَ الْجَارُودُ عَلَى عُمَرَ، فَقَالَ: "إِنْ قُدَامَةَ شَرِبَ فَسَكِرَ. فَقَالَ عُمَرُ: مَنْ يَشْهَدْ عَلَى مَا تَقُولُ؟ قَالَ الْجَارُودُ: أَبُو هُرَيْرَةَ يَشْهَدُ عَلَى مَا أَقُولُ". وَذَكَرَ الْحَدِيثَ؛ فَقَالَ عُمَرُ: "يَا قُدَامَةُ! إِنِّي جَالِدُكَ. قَالَ: وَاللَّهِ لَوْ شَرِبْتُ كَمَا يَقُولُونَ مَا كَانَ لَكَ أَنْ تَجْلِدَنِي. قَالَ عُمَرُ: وَلِمَ؟ قَالَ: لِأَنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ} [الْمَائِدَةِ: 93] ... إِلَخْ. فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّكَ أَخْطَأْتَ التَّأْوِيلَ يَا قُدَامَةُ، إِذَا اتَّقَيْتَ اللَّهَ اجْتَنَبْتَ مَا حَرَّمَ اللَّهَ".
وَفِي رِوَايَةٍ: فَقَالَ: "لِمَ تَجْلِدُنِي؟ بَيْنِي وَبَيْنَكَ كِتَابُ اللَّهِ. فَقَالَ عُمَرُ: وَأَيُّ كِتَابِ اللَّهِ تَجِدُ أَنْ لَا أَجْلِدُكَ؟ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا} [الْمَائِدَةِ: 93] إِلَى آخَرَ الْآيَةِ؛ فَأَنَا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ، ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا، ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا، شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَدْرًا، وَأُحُدًا، وَالْخَنْدَقَ، وَالْمَشَاهِدَ.
فَقَالَ عُمَرُ: أَلَا تَرُدُّونَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّ