الموافقات (صفحة 1938)

الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ:

لَا يُخْتَصُّ هَذَا الْبَيَانُ الْمَذْكُورُ بِالْأَحْكَامِ التَّكْلِيفِيَّةِ، بَلْ هُوَ لَازِمٌ أَيْضًا فِي الْأَحْكَامِ الرَّاجِعَةِ إِلَى خِطَابِ الْوَضْعِ؛ فَإِنَّ الْأَسْبَابَ وَالشُّرُوطَ وَالْمَوَانِعَ وَالْعَزَائِمَ وَالرُّخَصَ وَسَائِرَ الْأَحْكَامِ الْمَعْلُومَةِ أَحْكَامٌ شَرْعِيَّةٌ، لَازِمٌ بَيَانُهَا قَوْلًا وَعَمَلًا، فَإِذَا1 قُرِّرَتِ الْأَسْبَابُ قَوْلًا، وَعُمِلَ عَلَى وَفْقِهَا إِذَا انْتَهَضَتْ؛ حَصَلَ بَيَانُهَا لِلنَّاسِ، فِإِنْ2 قُرِّرَتْ، ثُمَّ لَمْ تُعْمَلْ مَعَ انْتِهَاضِهَا كَذَّبَ الْقَوْلُ الْفِعْلَ، وَكَذَلِكَ الشُّرُوطُ إِذَا انْتَهَضَ السَّبَبُ مَعَ وُجُودِهَا فَأُعْمِلَ، أَوْ مَعَ فُقْدَانِهَا فَلَمْ يُعْمَلْ؛ وَافَقَ الْقَوْلُ الْفِعْلَ، فَإِنْ عُكِسَتِ الْقَضِيَّةُ وَقَعَ الْخِلَافُ؛ فَلِمَ يَنْتَهِضِ الْقَوْلُ بَيَانًا، وَهَكَذَا الْمَوَانِعُ وَغَيْرُهَا.

وَقَدْ أَعْمَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُقْتَضَى الرُّخْصَةِ فِي الْإِحْلَالِ مِنَ الْعُمْرَةِ3 وَالْإِفْطَارِ فِي السَّفَرِ4، وَأَعْمَلَ الْأَسْبَابَ، وَرَتَّبَ الْأَحْكَامَ حَتَّى فِي نَفْسِهِ، حِينَ أَقَصَّ مِنْ نَفْسِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-5, وَكَذَلِكَ فِي غَيْرِهِ، وَالشَّوَاهِدُ [عَلَى هَذَا] لَا تُحْصَى، وَالشَّرِيعَةُ كُلُّهَا دَاخِلَةٌ تحت هذه الجملة، والتنبيه كافٍ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015