الموافقات (صفحة 1933)

لَمْ يُحَدَّ فِي الْوُضُوءِ وَلَا فِي الْغُسْلِ إِلَّا مَا أَسْبَغَ.

قَالَ اللَّخْمِيُّ: "وَهَذَا احْتِيَاطٌ وَحِمَايَةٌ؛ لِأَنَّ الْعَامِّيَّ إِذَا رَأَى مَنْ يَقْتَدِي بِهِ يَتَوَضَّأُ مَرَّةً مَرَّةً فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَقَدْ لَا يُحْسِنُ الْإِسْبَاغَ بِوَاحِدَةٍ فَيُوقِعُهُ فِيمَا لَا تُجْزِئُ الصَّلَاةُ بِهِ"1.

وَالْأَمْثِلَةُ كَثِيرَةٌ، وَهَذَا كُلُّهُ إِنَّمَا هُوَ فِيمَا فُعِلَ بِحَضْرَةِ النَّاسِ، وَحَيْثُ يُمْكِنُ الِاقْتِدَاءُ بِالْفَاعِلِ، وَأَمَّا مَنْ فَعَلَهُ فِي نَفْسِهِ وَحَيْثُ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ مَعَ اعْتِقَادِهِ عَلَى مَا هُوَ بِهِ؛ فَلَا بَأْسَ، كَمَا قَالَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي صِيَامِ سِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ: إِنَّ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي نَفْسِهِ مُعْتَقِدًا وَجْهَ الصِّحَّةِ؛ فَلَا بَأْسَ، وَكَذَا قال مالك في المرة الواحدة: "لَا أُحِبُّ ذَلِكَ إِلَّا لِلْعَالِمِ بِالْوُضُوءِ"، وَمَا ذَكَرَهُ اللَّخْمِيُّ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ إِذَا فَعَلَ الْوَاحِدَةَ حَيْثُ لَا يُقْتَدَى بِهِ؛ فَلَا بَأْسَ، وَهُوَ جَارٍ عَلَى الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ أَصْلَ مَالِكٍ فِيهِ عَدَمُ التَّوْقِيتِ2.

فَأَمَّا إِنْ أَحَبَّ الِالْتِزَامَ، [وَأَنْ] 3 لَا يَزُولَ عَنْهُ وَلَا يُفَارِقُهُ؛ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِمَرْأًى مِنَ النَّاسِ، لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ كَذَلِكَ؛ فَرُبَّمَا عَدَّهُ الْعَامِّيُّ وَاجِبًا أَوْ مَطْلُوبًا أَوْ مُتَأَكَّدَ الطَّلَبِ بِحَيْثُ لَا يترك، ولا يكون كذلك شرعًا؛ فلا بد فِي إِظْهَارِهِ مِنْ عَدَمِ الْتِزَامِهِ فِي بَعْضِ الأوقات، ولا بد فِي الْتِزَامِهِ مِنْ عَدَمِ إِظْهَارِهِ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ، وَذَلِكَ عَلَى الشَّرْطِ4 الْمَذْكُورِ فِي أول كتاب الأدلة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015