وَقَدْ قَامَ لَيَالِيَ مِنْ رَمَضَانَ فِي الْمَسْجِدِ؛ فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ نَاسٌ يُصَلُّونَ بِصَلَاتِهِ، ثُمَّ كَثُرُوا فَتَرَكَ ذَلِكَ، وَعَلَّلَ بِخَشْيَةِ الْفَرْضِ1.
وَيَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يُفْرَضَ بِالْوَحْيِ، وَعَلَى هَذَا جُمْهُورُ النَّاسِ.
وَالثَّانِي: فِي مَعْنَاهُ، وَهُوَ الْخَوْفُ أَنْ يَظُنَّ فِيهَا أَحَدٌ مِنْ أُمَّتِهِ بَعْدَهُ إِذَا دَاوَمَ عَلَيْهَا الْوُجُوبَ، وَهُوَ تَأْوِيلٌ مُتَمَكِّنٌ2.
وَالثَّالِثُ: أَنَّ الصَّحَابَةَ عَمِلُوا عَلَى3 هَذَا الِاحْتِيَاطِ فِي الدِّينِ لَمَّا فَهِمُوا هَذَا الْأَصْلَ مِنَ الشَّرِيعَةِ، وَكَانُوا أَئِمَّةً يُقْتَدَى بِهِمْ؛ فَتَرَكُوا أَشْيَاءَ وَأَظْهَرُوا ذَلِكَ لِيُبَيِّنُوا أَنَّ تَرْكَهَا غَيْرُ قَادِحٍ وَإِنْ كَانَتْ مَطْلُوبَةً؛ فَمِنْ ذَلِكَ تَرْكُ عُثْمَانَ الْقَصْرَ فِي السَّفَرِ فِي خِلَافَتِهِ، وَقَالَ: "إِنِّي إِمَامُ النَّاسِ، فَيَنْظُرُ إِلَيَّ الْأَعْرَابُ وَأَهْلُ الْبَادِيَةِ أُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ؛ فَيَقُولُونَ: هَكَذَا فُرِضَتْ"4، وَأَكْثَرُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أن القصر