لَيْسَ بِمَعْصُومٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ؟ فَهُوَ أَوْلَى بِأَنْ يُبَيِّنَ قَوْلَهُ بِفِعْلِهِ، وَيُحَافِظَ فِيهِ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى كُلِّ مَنِ اقْتَدَى بِهِ.
وَلَا يُقَالُ: إِنِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَعْصُومٌ؛ فَلَا يَتَطَرَّقُ إِلَى فِعْلِهِ أَوْ تَرْكِهِ الْمُبَيَّنِ خَلَلٌ، بِخِلَافِ مَنْ لَيْسَ بِمَعْصُومٍ.
لِأَنَّا نَقُولُ: إِنِ اعْتُبِرَ هَذَا الِاحْتِمَالُ فِي تَرْكِ الِاقْتِدَاءِ بِالْفِعْلِ؛ فَلْيُعْتَبَرْ فِي تَرْكِ اتِّبَاعِ الْقَوْلِ، وَإِذْ ذَاكَ يَقَعُ فِي الرُّتْبَةِ فَسَادٌ لَا يُصْلَحُ، وخرق لا يرقع؛ فلا بد أَنْ يَجْرِيَ الْفِعْلُ مَجْرَى الْقَوْلِ، وَلِهَذَا تُسْتَعْظَمُ شَرْعًا زَلَّةُ الْعَالِمِ، وَتَصِيرُ صَغِيرَتُهُ كَبِيرَةً، مِنْ حَيْثُ كَانَتْ أَقْوَالُهُ وَأَفْعَالُهُ جَارِيَةً فِي الْعَادَةِ عَلَى مَجْرَى الِاقْتِدَاءِ، فَإِذَا زَلَّ؛ حُمِلَتْ زَلَّتُهُ عَنْهُ قَوْلًا كَانَتْ أَوْ فِعْلًا لِأَنَّهُ مَوْضُوعٌ مَنَارًا يُهْتَدَى بِهِ، فَإِنْ عُلِمَ كَوْنُ زَلَّتِهِ زَلَّةً؛ صَغُرَتْ فِي أَعْيُنِ النَّاسِ وَجَسَرَ عَلَيْهَا النَّاسُ تَأَسِّيًا بِهِ، وَتَوَهَّمُوا1 فِيهَا رُخْصَةً عَلِمَ بِهَا وَلَمْ يَعْلَمُوهَا هُمْ تَحْسِينًا لِلظَّنِّ بِهِ، وإن جهل كونها زلة؛