وَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} [الْأَعْرَافِ: 102] .
وَمِثْلُ هَذَا الْوَجْهِ لَا يَعْتَرِضُ عَلَى أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ؛ كَمَا لَا يَعْتَرِضُ نَحْوُهُ عَلَى سَائِرِ الْأَوْصَافِ الْجِبِلِّيَّةِ؛ فَقَدْ لَا تُبْصِرُ الْعَيْنُ، وَلَا تَسْمَعُ الْأُذُنُ، لِغَلَبَةِ فِكْرٍ أَوْ غَفْلَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا؛ فَتَرْتَفِعُ فِي الْحَالِ مَنْفَعَةُ الْعَيْنِ وَالْأُذُنُ حَتَّى يُصاب1، وَمَعَ ذَلِكَ لَا يُقال: إِنَّهُ غَيْرُ مَجْبُولٍ عَلَى السَّمْعِ وَالْإِبْصَارِ؛ فَمَا نَحْنُ فِيهِ كَذَلِكَ.
وَالثَّالِثُ: كَوْنُهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الْمَرْتَبَةِ؛ فَلَمْ يَصِرِ الْعِلْمُ لَهُ وَصْفًا، أَوْ كَالْوَصْفِ مَعَ عَدِّهِ مِنْ أَهْلِهَا، وَهَذَا يَرْجِعُ إِلَى غَلَطٍ فِي اعْتِقَادِ الْعَالِمِ فِي نَفْسِهِ، أَوِ اعْتِقَادِ غَيْرِهِ فِيهِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ} [الْقَصَصِ: 50] .
وَفِي الْحَدِيثِ: "إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ النَّاسِ" , إِلَى أَنْ قَالَ: "اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤَسَاءً جُهالا، [فَسُئِلُوا، فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ] 2؛ فضلُّوا وأضلُّوا 3 ".